كلام عن أوغلو

ت + ت - الحجم الطبيعي

التقيت أكمل الدين إحسان أوغلو المرشح للرئاسة التركية، أكثر من عشر مرات، خلال القمم العربية والإسلامية، في عواصم عدة، هذا فوق تلك اللقاءات في مكتبه في جدة، أو في بيته، والرجل ليس عادياً وإطلالة شخصيته، يهددان حقاً، شخصيات تركية أخرى.

أوغلو كان يشغل موقع أمين عام منظمة التعاون الإسلامي، والتي كانت تسمى سابقاً منظمة المؤتمر الإسلامي، وهي ثالث منظمة دولية بعد الأمم المتحدة وتضم في عضويتها الدول العربية والإسلامية، وهو شخصية كاريزماتية، ويتكلم العربية بطلاقة، بنكهة مصرية، والرجل من مواليد القاهرة، وله عن الأتراك ومصر مؤلف مهم، وشخصيته تشي بالكثير.

لم يكن ترشحه مفاجأة، إذ أن من يقترب منه، كان يعرف منذ سنين، انه ينوي الترشح للرئاسة التركية، وهذا يعني أن ترشحه اليوم، لم يكن وليد لحظة المواجهة مع أردوغان.

دعم المعارضة له اليوم في تركيا، في وجه أردوغان تحديداً، مغامرة برصيد الرجل، من جهة، وتوظيف لقيمته الوازنة في معركة إسقاط أردوغان وحزب العدالة، غير أن الأرجح أن أوغلو لن يفوز، وليس أدل على ذلك، أن الانتخابات البلدية التي جرت في تركيا قبل شهور قليلة، عادت بحزب العدالة بشكل أقوى، كما أن هناك نقاط ضعف تتعلق بأوغلو أقلها غيابه الطويل عن تركيا، لانشغاله في منظمة التعاون الإسلامي، وهي منظمة أضخم بمؤسساتها من جامعة الدول العربية.

على الرغم من أن أوغلو شخصية معتدلة، وترشيحها يقول إن فوزه إذا حدث سينهي المواجهة بين تركيا والعرب، لإدراك أوغلو كل حساسيات المنطقة، وطبيعة التناقضات في المعادلات العالمية، إلا أن أحزاب المعارضة التركية لن تكون قادرة على إيصاله للرئاسة لاعتبارات كثيرة، فمازالت تركيا تتمتع بانتعاش اقتصادي منسوب لحزب العدالة، وبرغم مد تركيا لأصابعها في ملفات الجوار وحرائقه، وضغط ملف الأكراد، وغير ذلك من ملفات، إلا أن إجمالي المشهد في تركيا، لم يؤد بعد بالأتراك إلى فكرة السعي لإسقاط حزب الحرية والعدالة الذي يظن البعض أنه يتعرض لمؤامرة كبرى داخلية، أطرافها المعارضة وجماعة فتح الله غولن، بدعم من قوى خارجية.

ترشيح أوغلو ليس تركياً وحسب، فالمؤكد أنه ترشيح إقليمي ودولي، لما يمثله الرجل من قبول عند دول عربية كبرى، لها اعتراضاتها على أردوغان، وهذا يقول إن أوغلو في الانتخابات التركية رجل الإقليم والعالم في وجه أردوغان وحزبه، مما يعني أن معركة الرئاسة لم تعد معركة تركية بحتة، بعد هذا الترشيح.

Email