عودة النكبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

66 عاماً هي عدد سنوات «نكبة» العرب.. حينها بقيام إسرائيل على أرض فلسطين، لأن الفصول توالت مع توقيع اتفاقيات عربية إسرائيلية، وتغيرت نظرة الموقعين إلى إسرائيل، من «نكبة» إلى واقع مفروض أميركياً، بل وعالمياً. لكن كما الباطل إلى زوال، ها هي الذكرى تحمل عودة المفاهيم الأصلية للصراع.

لا ضرورة للتنظير التاريخي بشأن المشروع الإسرائيلي؛ الحل الغربي لاقتلاع شوكة «المسألة اليهودية» من حلق القوميات الأوروبية المتوترة، بما أن الحيرة اليهودية مستمرة بين الشعب والديانة، لكن آفاق هذا المشروع تظل على المحك، طالما أن عقلية «الغيتو» التي غصت بها أوروبا، ما زالت على أشدها في إسرائيل.

صحيح أن الإسرائيليين اضطروا دوماً لافتعال الحروب مع المحيط العربي والداخل الفلسطيني، كونها وصفة لبلورة شروط التوحد القومي المفقودة لدى مهاجريهم من كل أصقاع العالم، حتى غدت إسرائيل لا أكثر من جيش تحوم حوله مقومات الدولة، وذلك باعترافهم، إلا أن فترات الركود تهز هذه الشروط مجدداً، وتطغى التناقضات الداخلية والأباطيل التاريخية، ما يهدد هذا المشروع برمته.

على هذه الخلفية أتى التصعيد الاحتلالي الغريب ضد مسيرات الفلسطينيين في يوم نكبتهم، وقَتل الشابين محمد عودة أبو ظاهر ونديم صيام نوارة، بالقرب من سجن عوفر في منطقة رام الله، حيث يخوض الأسرى معركة الملح والماء مجدداً، لوقف أبشع انتهاك للمواثيق الدولية الخاصة بالاعتقال الإداري.

بل إن سيناريو القتل بدم بارد كان استفزازياً ومقصوداً لاستجلاب رد فعل مسلح من الفلسطينيين، يبرر مجدداً حالة التوتر الوجودي لدى الإسرائيليين في هذه البقعة.

حسناً فعل الفلسطينيون حين وعوا الدرس، وبقي الرصاص في الجعبة غافياً، طبعاً من دون توهم تطوير الحالة إلى انتفاضة ثالثة شبيهة بالأولى، تعتمد على العصيان المدني والتظاهرات غير المسلحة، نظرا لتمركز قوات الاحتلال في الضفة الغربية، بعد خروجها من قطاع غزة.

إضافة إلى الإنهاك المعيشي لأهلنا في الضفة، وغياب الرؤية الفلسطينية الموحدة، وتهلهل الصف العربي، لكن هذا لا يعني التجمد في مرحلة اللافعل واللارد.

أبسط الإجراءات الفورية المطلوبة من السلطة الفلسطينية: إعلان صريح وفعلي لوقف التنسيق الأمني مع سلطات الاحتلال، ووضع شروط للعودة إلى المفاوضات مع إسرائيل يتصدرها إطلاق الأسرى، وإعلان برنامج زمني مراقب من قوى خارجية، لانسحاب جيش الاحتلال من المنطقتين «ب» و«ج».

كما ورد في «نبضات أوسلو»، ومن ثم مواجهة الرفض الإسرائيلي المتوقع، بهجوم وضع الأقدام في المزيد من المنظمات والهيئات الدولية.

Email