ألغاز سورية

ت + ت - الحجم الطبيعي

25 قتيلا ونيفاً كانوا كفيلين بانهيار الحليف الروسي في أوكرانيا، بينما أكثر من 150 ألف قتيل لم يستطيعوا زحزحة الحليف الروسي في سوريا، ربما هي "لعنة الشرق الأوسط" فقط كفيلة بتفسير ذلك.

في اللغز السوري الكثير ليروى، لكن أبرزه من جهة نظام بشار الأسد: 60 ألف جندي سقطوا دفاعاً عنه ولم يتعلموا الدرس، وما إذا كان سيصمد معهم حتى آخر قطرة دم أم أن مقر الهروب جاهز في بطرسبرغ أو إيران.

ثاني الألغاز: مشاهد العناق والمصالحة بين مسلحي المعارضة السورية وجنود بشار في ريف دمشق، على أساس موجة جديدة من الهدنات القتالية، وعلى خلفية "أننا سوريون" في مقابل المقاتلين الأجانب الذين باتوا يقيمون حكمهم في كل منطقة يستولون عليها.

هذا في مقابل خطاب حسن نصر الله الأخير الذي حمل تصريحات غريبة من نوعها، أبرزها التشديد على أن معركة القصير الشهيرة خاضها مقاتلو حزب الله وحدهم من دون جيش بشار، وأن معركة القلمون الجارية يخوضها الحزب منفرداً أيضا.

وهذه دلالة بالغة الأهمية على مرحلية التحالف بين الحزب ونظام بشار، والأهم أنها دلالة على أن هناك تحالفاً أعلى من هذا التحالف لجهة ارتباط الحزب بإيران، لاسيما إن صحت المعلومات عن انتشار أفواج جديدة من قادة "فيلق القدس" الإيراني في سوريا، وتوليه إعطاء الأوامر العسكرية للحرس الجمهوري السوري نفسه.

هل يعني ذلك أن دور الجيش النظامي السوري بات هامشياً في هذا الصراع الإقليمي الدولي المجنون على الأرض السورية؟

على الأغلب لا، فالأمر مرتبط باللغز الثالث: الجيش السوري الحر قرر اعتبار جماعة الإخوان المسلمين السورية المشاركة في الائتلاف المعارض، "جماعة إرهابية" وكلف عناصره بمطارة وجودها أنى ثقفها، على أساس أن هذه الجماعة التي آثرت حتى الآن عدم الانخراط عسكريا في القتال.

تلقت في الآونة الأخيرة حمولة طائرات عدة من الأسلحة، لا للمشاركة في القتال بل للتخزين لمرحلة مقبلة، وهو دأب الجماعة في ثورات "الربيع العربي" الأخرى، حين تركت القوى الأخرى تتلقى الضربات واختبأت إلى حين اللحظة الأخيرة واقتناص سدة الحكم.

إذن، "الإخوان المسلمون" الذين خسروا أهم ساحاتهم في مصر، يتأهبون ويعدون جحافل جيوشهم لتعويض هذه الساحة بساحة لا تقل أهمية وهي سوريا، وهؤلاء بالتأكيد لا قبل لجيش بشار بهم، ما يستدعي تدخلاً واسعاً وكبيراً من "فيلق القدس" و"حزب الله"، مع ما يصاحب ذلك من تحشيد خطابي طائفي.

وسط هذه المتاهة من الألغاز، ربما وجد جندي النظام ومقاتل المعارضة السوريين نفسيهما وجهاً لوجه، فتعانقا على أساس توازن القوى والغربة في الوطن.

الدور الدولي في المتاهة توارى خلف مجلس الأمن وقرار تأمين ممرات إغاثة إنسانية، بالتأكيد لن تصل إلى القلمون، بما أنها باتت عنوان التحشيد الطائفي المطلوب - ويا للغرابة - من كل الأطراف!

 

Email