تبعات حل «الجماعة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

«قرار انتقامي انتقائي إقصائي.. لن يوقف حركة الاحتجاجات ضد الحكم المصري الجديد»، بينما أبواق مقربة تلوح بورقة صعود التيارات المتطرفة. هذا هو الرد الأولي لجماعة «الإخوان» في مصر، على الحكم القضائي الصادر الاثنين الماضي بحلها واعتبارها منظمة إرهابية، بعد سلسلة تفجيرات قتلت وأصابت العشرات من المدنيين والعسكريين، ناهيك عن «حرب استنزاف» بالوكالة تُجرى في شبه جزيرة سيناء.

الرد الأولي يعني أن هناك ما يتبع، لا سيما أن نظرة سريعة على تاريخ هذه الجماعة، تكشف أنها لا تتورع عن الإيغال حتى في الإجرام للوصول إلى الغاية، فها هي ترد على المرة الأولى التي حظرت فيها بقرار محمود فهمي النقراشي حل الجماعة في ديسمبر 1948 باغتيال النقراشي نفسه، ثم ردت بمحاولة استهداف الرئيس الراحل جمال عبدالناصر على قرار حلها للمرة الثانية في 29 أكتوبر 1954.

ما يثير العجب من جماعة تتلطى وراء الإسلام، هو رد مرشدها العام حسن الهضيبي على وزير الداخلية المصري آنها سليمان حافظ، حين صدر قرار حل جميع الأحزاب السياسية في يوليو 1952، حيث قال الهضيبي: «الإخوان جمعية دينية دعوية، وأعضاؤها وتكويناتها وأنصارها لا يعملون في المجال السياسي، ولا يسعون لتحقيق أهدافهم عن طريق أسباب الحكم كالانتخابات».

طبعاً ما كشفته الأيام اللاحقة يشف عن هذا الشبق غير المسبوق لدى الجماعة للسلطة، بل وللتفرد بها، ولا سيما في قوائم انتخابية منفردة، رافضة للشراكات، ثم ما لبثت أن استأثرت بكل مواقع القرار، بدءًا من المحليات فور تسلمها زمام الحكم إبان حقبة محمد مرسي، بل إن الجماعة لم تتورع ومنذ بدايات تأسيسها، عن ارتكاب اغتيالات وتفجيرات وهجمات على مقرات، بعد انكشاف تشكيل «التنظيم الخاص» داخل الجماعة بقيادة تيار سيد قطب، ما دفع مؤسسها حسن البنا إلى اتهام أعضاء هذا التنظيم الخاص بأنهم «لا إخوان ولا مسلمون». يمكن طبعاً الرجوع إلى ما أثير لاحقا عن أصابع غربية دعمت تأسيس الجماعة، لضرب التيارات القومية المتصاعدة لتملأ شغور السلطة من الاستعمار القديم.

هذه العجالة التاريخية ضرورية لفهم حاضر ومستقبل الجماعة، وحظوظ قرار حلها الجديد، في ضوء ما يأتي:

أولًا؛ ما يميز الحل الثالث للجماعة أنه مدعوم بمد جماهيري تمثل في حركة 30 يونيو، وليس قراراً فوقياً كما في المرتين السابقتين.

ثانياً؛ التفاف عربي واضح حول القيادة المصرية الحالية والقرار القضائي بحل الجماعة وحظرها كمنظمة إرهابية.

لكن في المقابل، يكمن خطر الجماعة في وجود حاضنات غربية لها، ستضمن لها منصات إطلاق جديدة لأنشطتها، ما يستوجب التوجه إلى الأمم المتحدة لإضافتها إلى قوائم المنظمات الإرهابية. وكذلك تجفيف أذرعها الأخطبوطية في الشارع المصري، المتمثلة في لجان زكاة وجمعيات «خيرية»، بتوجيه جزء من الاستثمارات للسيطرة على هذه المؤسسات التي أكسبت الجماعة جماهيريتها.

Email