حصاد 2013 سورياً

ت + ت - الحجم الطبيعي

العام الذي يلملم أوراقه مغادراً كان لربما الأسوأ بالنسبة إلى السوريين منذ عقود طويلة. ففي صيفه، ذاقوا طعم الكيماوي لأول مرة في تاريخهم واختبروا في خريفه تجارب البراميل المتفجرة، الاختراع الإبليسي الأكثر فجوراً، وتعايش لاجئوهم مع صقيع «أليكسا» وابتلعتهم فيه أمواج البحر الأبيض المتوسط الذي اصطبغ بلون الدم.

وهو أيضاً العام الذي بدأ في ربيعه بموقف سياسي عربي حينما سُحب مقعد دمشق في جامعة الدول العربية من ممثلي النظام، لكنه انتهى على ما يبدو إلى شبه تسليم بتقاسم السلطة، بينما على الساحة لم تنعدم وسيلةً تندرج تحت خانة جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية إلا وعانى منها الشعب السوري وبشكل يومي.

وكذلك، ثبّت العام الماضي ما سعت شركات العلاقات العامة إلى نشره من أن ما يحصل في سوريا ليس انتفاضةً ولا تململاً شعبياً بل صراع ميليشيات من الداخل والخارج مع السلطات، حتى أن الجيش الحر كمنظومة عسكرية جامعة للثوار، ولو اسمياً، تلاشت شيئاً فشيئاً لصالح جبهات وتشكيلات وفصائل طفت على السطح، وسط حديثٍ عن استنساخ تجربة الصحوات العراقية...

وكأن واشنطن تجتر تجاربها الفاشلة في الشرق الأوسط. يودع السوريون 2013 وعينهم على بدايات 2014 التي ستشهد انطلاق مؤتمر جنيف بنسخته الثانية وهم مدركون أن ذلك المؤتمر قد لا يحقق مقاصدهم بجوهرها، لأن غاية النظام استخدامه أداةً لكسب الوقت وهدف حلفائه منه إعادة تسويق النظام الذي نجح في إقناع الغرب بأنه رأس حربة المواجهة ضد التنظيمات الأصولية في المنطقة.

وعليه، ومع ما حمله 2013 من مساوئ جمة، يخشى كثيرون أن يكون 2014 العام الذي ستضطر فيه المعارضة إلى تجرع كأس السم سياسياً والرضوخ إلى مطالب الأطراف المؤثرة والقوى الكبرى بضرورة الاندماج مع النظام وتوحيد أهدافهما ضد عدوٍ واحد.

كما يخشون أن يكون العام الذي سيُدفع فيه السوريون إلى القبول بتسويات تُذهب دماء قتلاهم في غياهب النسيان، مثلما حصل مع البوسنيين عبر اتفاقية دايتون، حينما طلبت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي منهم أن يجلسوا إلى جانب جلاديهم على طاولة المفاوضات، على الرغم من كل الاهتمام الذي استحوذت عليه قضية البوسنة لدى الغرب ووسائل إعلامه، عكس ما هو الحال في المثل السوري..

حيث لم تجد محطة تلفزيونية أميركية مشهورة أخيراً خبراً يثير عنايتها سوى تفجير سيارة مفخخة أودى بستة قتلى في معقل للنظام بريف حمص في وقتٍ كانت البراميل المتفجرة تحيل حياة الآلاف من سكان حلب إلى جهنم.

يترقب السوريون إذاً العام المقبل وهم يتوجسون من أن تكون مآسي 2013 أقل وطأة مما قد تخفيه أجندات المجتمع الدولي في قادمات الأيام.

Email