مهمة فلسطينية عاجلة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تباشر الحكومة الفلسطينية الجديدة، التي يقودها الأكاديمي د. رامي الحمدالله، اليوم عملها في مهمة شاقة لا تحسد عليها، ولا يحسد عليها الحمدالله العائد للوزارة بعدما «طلّقها» طلقة أولى بائنة بسبب تنازع الصلاحيات، بين موقعي رئيس الحكومة ورئيس السلطة من جهة وبين رئيس الوزراء ونائبيه المعيّنيْن من قبل الرئيس، في تكرار لحكاية يعرفها كل الفلسطينيين ومن يهتم بالشأن الفلسطيني.

المصاعب كثيرة، والتحديات أكثر، وقد يكون أهونها تحسين المؤشرات الاقتصادية إلى ضبط الأداء المالي إلى ضمان تحويل الرواتب في آجالها، وهي تحديات أطاحت بالدكتور سلام فيّاض، المعروف بأنّه مايسترو الموازنات.

لكن الموازنة الفلسطينية التي تنتقل من دكتور إلى دكتور تبدو عصية على العلاج، إذ أنّها تعاني من تصلب شرايين لا يمكن علاجه، ودورة نقدية تعاني من جلطات متكرّرة بفعل انقطاع (أو بالأحرى قطع) تدفق التحويلات والتمويلات والتبرعات والمنح في هذه الشرايين الموصولة بشرايين مئات الآلاف من أبناء الشعب الذي ربط قسراً بوريد المعونات ليصبح «آخر الشهر» همّه بدل حق العودة أو تحرير الأرض أو تحرير الأسرى.

طبعاً، لايزال هناك نبضٌ.

يرى البعض، ومنهم رئيس الوزراء الفلسطيني، أنّ الحكومة مؤقتة وأنّها يجب أن تكون انتقاليةإلى حكومة وفاق وطني، وهو أمر يتمنّاه كل فلسطيني لكن الوقائع تؤكد أن هذا الأمر بات صعب المنال، فالخلافات بين فتح وحماس أعمق من أن تضمّد.

أما في ما يخص المفاوضات مع إسرائيل، فالحكومة الفلسطينية غير معنية بها، فهي مكلّفة بتسيير معيشة الشعب، وهي مهمة ليست هيّنة في ضوء كون الاقتصاد أسيراً للتمويل الخارجي.

وهنا، يتدافع أمامنا طلب ملح، بل نداء للدكتور رامي الحمدالله بضرورة العمل على تحرير الاقتصاد الفلسطيني، والمواطن من قيود هذا الكابوس، الذي بات يخنق كل ما هو جميل في مدارك هذا الشعب التواق إلى الحرية من الاستعمار، وحرية من المِنَح وحرية من عروض بالمليارات مقابل «الليونة» التفاوضية والتنازل عن الحقوق.

يجب وضع استراتيجية تكسر قيد التبعية للخارج أو للاقتصاد الإسرائيلي، وهي مهمة شبه مستحيلة بعدما، ويا للسخرية، بات الفلسطيني المعروف بأنّه سليل مجتمع مُزارع أسيراً للمَزارِع (بفتح الميم لا ضمّها) الإسرائيلية وما تجود به عليه من منتجات مهرمنة ومسرطنة.

وفي هذا الصدد، استبعد تعاطي الحكومة الفلسطينية مع خطط كيري الاقتصادية "كونها مجرد رشوة كبيرة تقوم على مقايضة الحرية بتحسين المعيشة وتريد أن تدفع الفلسطينيين للتعايش مع استمرار الاحتلال مقابل تحسين اقتصادهم".

 

Email