عن مجلة «دمشق»

ت + ت - الحجم الطبيعي

بحماسٍ، نقرأُ مجلة "دمشق"، وقد صدر عددها الأَول في الذكرى الثانية للثورة السورية، وطالعناه بغبطةٍ، كما عددها المزدوج، الثاني والثالث، تالياً.

وهي التي تتوخّى أَنْ تكون مساحةً للحريةِ والجمال، في تظهير عناوين هذه الثورة، وأَولها التحرّر من نظام القتل الإرهابي غاصب السلطة في سوريا. وتنفتحُ "دمشق" في الوقت نفسِه على قراءَة هذه الثورة نقدياً. وإلى اعتنائها الخاص بسوريا، ثورةً وإبداعاً وأُفقاً وراهناً، في كتاباتٍ ومساهماتٍ فكريةٍ وثقافية وتحليلية، فإنها توازي هذا كله، وغيره، مع انتباهٍ محمودٍ إِلى البعد العربي المؤكد حين التأمل في اللحظة السورية الحاضرة ومآلاتها.

وفي المركز منه ارتباط هذه اللحظة مع فلسطين، قضيةً وعنواناً مشتركاً مع القضية السورية في التطلع إلى العدالةِ والحق. ونضجٌ ظاهرٌ في موضوعات مجلة دمشق ونصوصِها، تؤشر إِليه حيويةٌ ماثلةٌ في تنوع محتواها، حيث الحوار والشعر والسرد واليوميات والوثائق والدراسة والسجال والمقال، ودائماً، صدوراً عن رؤيةٍ تحريرية لا تتساهل في تيسير العميق والجميل، ولا تسقط في الخفيف والعجول.

في رئاسته تحرير "دمشق"، يُثبت الشاعر السوري، نوري الجراح، كفاءَته المعلومةَ في إِصدار مجلاتٍ منشغلةٍ بالاشتباك مع قضايا الثقافة العربية وأَسئلتها، ومعنيةٍ بالإبداع وجمالياته، أَنيقةٍ وجذابة، وقد أَصدر سابقاً "الكاتبة" و"القصيدة" و"الرحلة"، وإِذ لم يُقيّض لها الاستمرار، فإنَّ الأملَ كبيرٌ بأَنْ تواصل "دمشق" مشروعَها، وهي التي تحظى برعايةٍ طيبةٍ من مؤسسة "بناة المستقبل" ورئيسِها المهندس وليد الزعبي.

والآمال غزيرةٌ بأَنْ يصدر هذا المنبر السوري العربي، لاحقاً، في مطرحِه الصحيح، أَيْ في دمشق التي عبث فيها نظام الإبادة طويلاً، لمّا حاصرَها بالتجبّر والطغيان، وحرم ناسَها منها عاصمةً للثقافة الحرة. تقع على أَنفاس هذه الثقافة ووجدانِها عندما تقرأ في "دمشق"؛ صبحي حديدي، وصادق جلال العظم، ومفيد نجم، وإِبراهيم الجبين، وعصام العطار، وعمار ديوب، وفرج بيرقدار، وبرهان غليون.

. وغيرهم من كتاب سوريا اللامعين، ومعهم صاحب الصوت الفلسطيني الأَبهى في نصرة الثورة السورية وقراءَتها ونقدها، الكاتب المُجيد دائماً، ماجد كيالي، وكذا سلامة كيلة وغازي دحمان وغسان زقطان ومحمود الريماوي وإِبراهيم نصر الله وتيسير خلف، وغيرهم من أَسماء عربية وازنة، منهم صاحب العمامة المنارة، اللبناني هاني فحص، ومواطنه اليساري الشائق، زياد ماجد.

هؤلاء وغيرهم، حضروا في "دمشق"، كتبوا في "الثورة السورية من منظور نقدي"، وفي "ينابيع الغضب وثقافة الحرية"، محوري الأعداد الثلاثة التي تمثلُ إِضافةً ثمينةً في الصحافة الثقافية والفكرية العربية، لاسيما وأَنها معنيةٌ بلحظةٍ محتدمة، يُغالب فيها الشعب السوري الأسير محنةً غير موصوفة، ويُواجهها، وحدَه، ببسالةٍ فريدة. لا تدّعي "دمشق" النطق باسم هذا الشعب وثورتِه، بل تجهرُ بصوته، من بوابةِ فاعليةٍ ثقافيةٍ منخرطةٍ في هذه الثورة، وتقولُ لها الفنانة البديعة، مي سكاف، إِنها لا تريد لابنها أَن يحكمَه حافظ بشار الأسد، وإنَّ بقاءَ النظام عارٌ على كل سوري.

Email