ارتباك المشهد الإيراني

ت + ت - الحجم الطبيعي

الارتباك والغموض يكتنفان المشهد السياسي في إيران قبيل الانتخابات الرئاسية. الارتباك ناجم عن طبيعة النظام وحمولة القضايا الداخلية والخارجية.

مصدر الغموض، بالإضافة إلى صعوبة تحديد خيول الرهان في السباق الانتخابي، يتمثل كذلك في ضعف الرهان على قدرة الفائز على تجاوز الموانع السياسية والاقتصادية على الصعيد الإيراني.

في ما يختص بطبيعة الارتباك، فالانتخابات الرئاسية تجري في بيئة ليست ديمقراطية. النظام تحالف بين رجال الدين المحافظين وقادة الحرس الثوري.

هو تحالف فائض على الجهاز القضائي والإعلامي والأمني، بالإضافة إلى البرلمان ومفاصل الدولة. في المقابل لا توجد أطر حزبية منظمة، إذ يضج الأفق الإيراني بتيارات سياسية يغلب عليها الطابع الشخصي أكثر من الارتكاز على بنى أيديولوجية.

هكذا يكشف سياق انتخابات الرئاسة الإيرانية عن عملية ديمقراطية في واقع غير ديمقراطي. في سباق الرئاسة تبرز زمرة من الرجال ليس بينهم نجم يتمتع ببريق يضيء العتمة الإيرانية.

قائمة المرشحين المحتملين تضم علي أكبر ولاياتي وزير الخارجية الأسبق ومستشار المرشد حالياً، بالإضافة إلى الرئيس السابق للبرلمان غلام علي حداد، ورئيس بلدية طهران الحالي محمد باقر فاليباف.

أكثر من هؤلاء ثقلاً سعيد جليلي المقرب من المرشد والحرس الثوري، والعارف بتفاصيل ملف البرنامج النووي.

أكثر من كل أولئك إثارة للجدل، اسفنديار رحيم مشائي.

هذه شخصية تمشي وسط عاصفة من الخلافات منذ ظهورها على المسرح السياسي في طهران. هو صهر نجاد ونائبه المغضوب عليه من قبل المرشد حد عزله من منصبه، ثم هو مستشار الرئيس ومرشحه لخلافته.

بما أن مشائي مهدد بقيد من مجلس صيانة الدستور، فقد أعد نجاح محمد رضا رحيمي نائب الرئيس ومستشاره الإعلامي علي أكبر جوانفكر لخوض المعركة.

هكذا يبدو نجاد ليس مصمماً ليس فقط على خوض السباق، بل مواصلة تحدي المرشد في ولاية ثالثة، فالثلاثة يشكلون رجال الرئيس. أحدث الأسماء في بورصة الانتخابات هو هاشمي رفسنجاني. هذا رجل من جيل مؤسس الجمهورية الإيرانية.

رفسنجاني سياسي براغماتي يتمتع بحنكة جعلت الخميني يتجرع «سم» نهاية الحرب العراقية، كما لعب دوراً أساسياً في تنصيب خامنئي خليفة للخميني. يتمتع بعقلية أسطون بازار بارع، إذ تجمع قاعدته شريحة من المحافظين وشريحة من الإصلاحيين.

هذا في الوقت نفسه محور سخط قطاع واسع من الإيرانيين يصبون عليه سخط الفساد والإفساد. ذلك أحد عناصر إخفاقه في معركة انتخابات الرئاسة أمام نجاد.

في ما يتعلق بالغموض فإن الإيرانيين لا يبدون حماسة للإقبال على معركة انتخابات الرئاسة. بالإضافة إلى ضعف المرشحين، فإن تجربة 2009 لا تزال ماثلة في الذاكرة الشعبية.

مما يزيد الغموض اكتنافاً حمولة القضايا العالقة على المشهد الإيراني.. المحاور الساخنة تتجسد في الملف الإيراني؛ العلاقات مع الغرب عامة وأميركا خاصة ودول الجوار، بالإضافة إلى الاختناقات الاقتصادية مع موازاة العقوبات الخارجية والرهان على جذب الاستثمارات الأجنبية.

Email