فنزويلا بين التغيير والامتداد

ت + ت - الحجم الطبيعي

السؤال الكبير حاليا هو: هل سيكون نيكولاس مادورو امتداداً لسلفه هوغو شافيز؟

ما أصر الرئيس الفائز على إبرازه في مهرجان الفوز، هو أنه سيكون صورة من الراحل.. على طريقة من ورّث ما مات.

والصورة، بل الرسالة، الثانية التي حرص مادورو على إظهارها، ولو إعلامياً، هي صورة الواثق من الفوز، إذ لم يتردّد في قبول طلب منافسه هنريكي كابريليس بإعادة فرز أوراق الاقتراع في الانتخابات التي كان يتقدّم فيها بفارق ضئيل، فهو لم يجفل ولم يراوغ، بل ردّ قائلاً: «لنفعل ذلك، لا توجد مشكلة.. فربما سيجدون فوزي أكبر».

هذا الرئيس الآتي من خلف مقود شاحنة، سيضع بلاده فنزويلا تحت المجهر، لجهة متابعة نجاح هذا الأنموذج الذي في حال استمراره في النجاح، مع أنه أمر نسبي وعليه خلاف في القياس، سيهدم كثيرا من النظريات السياسية المرتكزة على مفهوم الانتلجنسيا التي جعلتنا، ومن قبلنا الملايين ولعقود، نعتقد أن قيادة الدول حكر على نخبة ما.. أحيانا تستند إلى الحزب الحاكم، وأحيانا تتدثر بعباءة القبيلة، وفي أحايين كثيرة تتخذ من الجغرافيا، المنطقة والإقليم، رداء شرعية، وفي أسوأ الخيارات تعبر من بوابة الطائفية.

التجربة الفنزويلية، مع كل ما تثيره من حسد، ومن محاولات تخريب وإفساد، ومن اتهامات الشعبوية وأنها تجربة فيها الكثير من الشوفينية، إلاّ أنّ الحقيقة التي لا يمكن طمسها، هي أن ما مرت به فنزويلا خلال الـ15 سنة الماضية يستحق التقدير.

الكثير من السلبيين يطــعنون هذه التجربة من خانة أنها عاشت على أسعار النفط، وأن شافيز لم يمــلك برنامجا تنمــويا اقتصاديا... لكن الإيجابيين ينظرون إلى الأرقام التي تفيد بأن السواد الأعظم من الفنزويليين، الذين كانوا في عهود الرؤســاء السالفين: رفائيل كالديرا وقبله رامون فيلاسكيز وأوكتافيو لوباجي وكارلوس أندريس بيريز، لا يجدون اللظى، باتوا يملكون منازل ورعاية طبية.. وهذا وحده إنجاز إذا قارنا طريقة حياة شافيز وكشف حسابه البنكي، مع كشوف الحسابات الخاصة برؤســاء دول أخرى أفقر من فنزويلا.

ويكفيه أيضا أنه كان من داعمي الحق العربي في أكثر من محفل، مع أنه «خربها» ووقف إلى جانب رئيس النظام السوري ضد الثورة الملحمية للشعب السوري.. ولكن يبقى ذلك حقاً له، إذا قارنا موقفه مع دول كبيرة وعظمى لا نعرف لون موقفها ولا اتجاهه. فهو وإنْ كان داعماً لغير صاحب حق، فقد كان له موقف، وهذا هو الحد الأدنى المطلوب من عشرات الدول في المجتمع الدولي، ولم يكن متذبذباً أو ذا موقف هلامي.

والآن يندفع السؤال التالي: هل سيعدّل مادورو، المغرم بقيادة الشاحنات، مقود السياسة الخارجية الفنزويلية إلى غير الشواطئ التي كانت ترسو عليها سفن شافيز في السياسة الخارجية؟ هل سيستمر في التحالف مع إيران؟ هل سيبقى حليفاً لبشار الأسد؟.. سنرى.

 

Email