ملفات عالقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بين نووي كوريا وكيماوي سوريا، يصطدم باراك أوباما بشعاراته التغييرية، ومعه تتأرجح ديبلوماسيته الخارجية بين ركامات الملفات العالقة.

في الدورة الأولى، حمل شعار" تغيير المسار" أوباما إلى الرئاسة الأميركية، بعدما مل الأميركيون والعالم أجمع من صلف السياسات الجمهورية وتحكم المحافظين المتشددين بمقاليد المغامرات الحربية، وفي الدورة الثانية لم يجد أوباما ما يحمله مجددا إلى المكتب البيضاوي سوى شعار "لا حروب جديدة"، وهناك على مكتبه جلس الرئيس على الملفات العالقة المنتظرة منذ دورته الأولى.

لغاية اللحظة يصر الرئيس الأميركي على عدم التدخل في الملف السوري، خلا الدعم "اللوجيستي" للمعارضة، خشية وقوع فضيحة جديدة تهز حزبه الديمقراطي وفرصه المستقبلية، قد تحمل اسم "النصرة كونترا"، إذا ما تسرب سلاح أميركي إلى جبهة "القاعدة" الجديدة.

لكن "التايمز" اللندنية تواصل محاصرة سيد البيت الأبيض بوعوده: "استخدام النظام السوري السلاح الكيماوي.. خط أحمر"، وها هي تكشف عن أدلة باتت في عهدة أمين عام الأمم المتحدة، تؤكد استخدام هذا السلاح ضد مدنيين لم يعودوا يعلقون آمالاً على أوباما، بعدما شربوا مقلب أردوغان وتهديده بعدم السماح بـ"مذبحة حماة جديدة".

ومع اشتداد المعارك ودخول حزب الله اللبناني على خط النار في القصير السورية، وتكرار انطلاق القذائف من الجولان في اتجاه إسرائيل، انطلق رأس الحربة الدبلوماسية الأميركي جون كيري إلى الصين، لاحتواء التهديد النووي الكوري الشمالي.

كيري كان الأسبوع الماضي في مهمة صامتة لتحريك الملف الفلسطيني الإسرائيلي، بعدما أعاد مياه العلاقات التركية الإسرائيلية إلى مجاريها، فتكون النتيجة استقالة رئيس الوزراء الفلسطيني سلام فياض.

ظاهر الصورة هو اضطراب السياسة الأميركية الخارجية بين هذه الملفات العالقة، وغياب البوصلة، لكن دولة المؤسسات وجماعات الضغط لا يمكن لها السماح بهذا الارتباك، فإذا كان بلاط المكتب البيضاوي مزدحماً بالخطوات الحيرى، فإن ما يجري تحت هذا البلاط منظم بالضبط..

هناك حتما قوى مسرورة لحماقة كوريا الشمالية، التي تلوح بصواريخها النووية بينما جد جائع على أرضها يقتات على رفات حفيده، كما قيل، فأي تهديد هذا؟

منبع السرور تبدى واضحا على تجهم المسؤولين الصينيين لدى استقبالهم كيري، ذلك أنهم يستشعرون خديعة جديدة: تحت ذريعة هذه الحماقة ستعود الأساطيل الأميركية بقوة إلى جنوب "الأمة الصينية".

أما سوريا فلو استخدم النظام سلاحا نوويا لن تحرك واشنطن ساكناً، إلى حين اكتمال خططها تماما لضرب إيران، سواء من الداخل أو الخارج، بينما الملف الفلسطيني يسير على هوى إسرائيل المتحمس لإزاحة سلام فياض، وعودة المحاصصة الفصائلية للإمساك بزمام القرار الفلسطيني وإغراقه في تناقضاتها وصراعاتها، بينما قرت عين بنيامين نتانياهو الذي كان حذر ذات مرة: فياض سيبني الدولة الفلسطينية من دون إطلاق رصاصة واحدة.

Email