فلسطين على الرف

ت + ت - الحجم الطبيعي

الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فكتوريا نولاند، هي أصدق من تذاكيات زعيم البيت الأبيض باراك أوباما، الذي كان عنون زيارته الأخيرة لإسرائيل وبيت لحم بـ«كسر جمود عملية السلام»، فغادر فقط بكسر الجمود بين بنيامين نتانياهو ورجب طيب أردوغان. نولاند علقت على زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى المنطقة بداية هذا الأسبوع، بالقول إنها «تعكس التزام الرئيس الأميركي وكيري نفسه بفحص ما بوسعنا عمله، لكننا حتى الآن لا نعرف ما بإمكاننا عمله».

إذاً، هو تسويف أجوف جديد يعلن صراحة بأن إدارة أوباما لا تضع الملف الفلسطيني على أجندتها البتة، وهي مشغولة تماماً بملفات سوريا، إيران، كوريا الشمالية، ثم الغاز القادم من البحر المتوسط، وتالياً الاستنجاد مجدداً بمقولة «أميركا ذاكرتها ضعيفة» إلى حد نسيان كل ما تحقق إبان الإدارات السابقة من طراز بيل كلينتون وجورج بوش الأب، لجهة حل الدولتين.

العنوان واضح وليس بحاجة لمكتوب، قبل وصول كيري إلى القدس ورام الله، كان في إسطنبول لهندسة ملفين: سوريا، والقرصنة الإسرائيلية على غاز البحر المتوسط، وسبل تسويقها.

وربما كان تعريج كيري نحو أرض فلسطين هو فقط لتخدير الشعب الوحيد المحتل على وجه الكرة الأرضية، بعد «هبة الأسرى» التي أشعلها استشهاد الأسير الفلسطيني ميسرة أبوحمدية مكبلاً بالسرطان وقيود الاحتلال. مرة أخرى تخضع السلطة الفلسطينية لشروط اللاعب الأميركي، إن صحت التسريبات الإسرائيلية، عبر تجميد جهود جر حكومة نتانياهو إلى المحكمة الجنائية الدولية، مقابل إعطاء «فرصة» لكيري ووعود بإطلاق نحو 120 أسيراً من سجون الاحتلال.

مع أن موازين القوة مختلة منذ عقود، إلا أن إبل السلطة فقدت مهارة الورود إلى الماء تماماً، فورقة بحجم المحكمة الجنائية الدولية لا يعدلها سوى إجبار نتانياهو على تنفيذ كل نبضات الانسحابات الواردة في اتفاق أوسلو التي عطلها هو نفسه، وليس مقابل هذا الثمن البخس والبعيد عن متناول اليد.

مفارقة على صلة، بحسب «هآرتس» الإسرائيلية: السلطة حددت جدولاً زمنياً لكسر الجمود في عملية السلام، يقوم على 12 أسبوعاً منذ زيارة أوباما في 22 مارس الماضي، بينما كيري يريد ستة شهور على الأقل. إذاً، هذا هو جدول مباحثات الوزير الأميركي في رام الله فقط.

في المقابل تزدحم أجندته في القدس - وهي إضافة لغرابة الصلف الأميركي في اختيار القدس لا تل أبيب - بملفات عاجلة. فبالإضافة إلى سوريا وإيران، تقف الولايات المتحدة بقوة وراء قرصنة إسرائيل على غاز البحر المتوسط، واستعدادها لبدء ضخه بكميات تجارية ضخمة، توفر قليلاً على دافع الضرائب الأميركي بعض المليارات المصبوبة في الدولة العبرية.

لكن الأهم أن هذا الغاز «يحرر» أوروبا من السطوة الاحتكارية الروسية، وهو ما لن تسكت عليه موسكو بالطبع، التي تخوض حرباً شرسة لمزاحمة النفوذ الأميركي في القارة الأوروبية، لن تسكت حتى ولو بتوجيه فوهات الصواريخ النووية الكورية الشمالية نحو الولايات المتحدة.

Email