قمة للمصالحة الفلسطينية.. لماذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان مجردَ اقتراح، طرحه أَمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، بعقد قمةٍ عربيةٍ مصغرة ترعاها القاهرة، لإنجاز المصالحةِ الفلسطينية وحسمِها. وقبل أَنْ تبدأَ الدوحةُ اتصالاتٍ للتنسيق في شأن هذه القمة، وقبل أَنْ يتلقّى أَيُّ طرفٍ فلسطينيٍ، أَو عربي، أَيَّ دعوةٍ إِليها، استجدَّ خلافٌ بين حركتي فتح وحماس بشأْن من يمثّل الفلسطينيين فيها، فبدا المقترحُ القطريُّ سبباً مضافاً للمماحكات الرديئةِ بينهما.

وبدا صحيحاً اجتهادُ معلقٍ نابهٍ، رأى أَنه كلما زادت المبادراتُ لإنهاءِ الانقسام الفلسطيني تضاءَلت فرصه. وفيما توهَّمنا أَننا سنشاهد، قريباً، آخر حلقات مسلسل المصالحةِ الممل، سيّما وأَنَّ اتفاقاتٍ تمت على إِجراءاتٍ محددةٍ في هذا الخصوص، صرنا نقرأ تساؤلاتٍ عمّا تريدُه الدوحة من مقترحها.

وأَنها إِذ تحابي "حماس" فذلك قد يعني أَنَّ أَمراً ما في القصة، ونقرأ أَنَّ ضعفَ الرئاسة المصرية في أُتون مشكلاتها الداخلية، قد لا يُمكّنها من رعايةِ قمةٍ عربيةٍ مصغرةٍ تنتهي إلى المنشود منها، والذي قال أَمير قطر إِنه إِتمام المصالحة، وليس شيئاً غيره.

كل الحق مع فتحاويين وغير فتحاويين قالوا إِنَّ المصالحة لا تحتاج إِلى قمةٍ ووساطاتٍ عربيةٍ جديدة، بل إِلى تنفيذ الاتفاقات الموقعة بين طرفي الانقسام. وكلُّ الحقِّ مع أَهل "حماس" ممن يشيرون إِلى عثراتٍ إِجرائيةٍ يصطدم فيها ذلك، سيّما وأَنَّ تلاسناً حادّاً طرأَ بين رام الله وغزة، بعد تفاهمات القاهرة في فبراير الماضي، وأَنَّ تضييقاً بات ينشط في الضفة الغربية ضد عناصر من "حماس".

والحال نفسُه في القطاع ضد كوادر من "فتح". والمؤكَّد في هذا المناخ من عسرِ قنواتِ الثقة بين الطرفين، أَنَّ الانقسام عميقٌ جداً، وأَنَّ غزارة الكلام الإنشائي إِياه عن المصالحةِ خياراً استراتيجياً، كما القبلاتُ والابتساماتُ الوفيرةُ بين المتفاوضين في لقاءاتهما، لم تجعل مسافاتِ التباعد الواسع تنحسر، وبان أَنَّ تأثيرَها على جبال الخلاف العالية محدود.

لا مؤشرات ملحوظةٌ على ذهابٍ إِلى تنفيذ الاتفاق، الذي تفاهمت فيه الحركتان على تشكيل حكومة انتقاليةٍ، وإِجراء انتخابات المجلس التشريعي في غضون ثلاثة أَشهر، وليس واضحاً ما إِذا كانت لجنة تسجيل الناخبين تزاول أَعمالها في قطاع غزة.

الأَوضح أَنَّ "حماس" متوجسةٌ من الاندفاع في اتجاه تنشيط هذه الإجراءات، فهي تُقدّم قدماً وتؤخر أُخرى، أَما "فتح" فتتوجس من أَنْ لا "تزبط" الأُمور في اتجاه فوزٍ مؤزَّرٍ لها في الانتخابات غير المحسوم موعدُها. أَما عن الخلافات بشأن بناءِ منظمة التحرير وإِطارها القيادي.

وقانون الانتخابات الخاص بالمجلس الوطني فيها، فحدّث ولا حرج؛ لجانٌ تتناسلُ من لجانٍ بشأنها، ولا حسمَ معلناً في صددها... الموجزُ في تعقيد خيوط المصالحة الفلسطينية، أَنَّ الإرادة السياسية والوطنية الشجاعة وبالجديّة المؤكّدة، بعيداً عن الذهنيةِ الفصائليةِ والنزعةِ النفعية، ما زالت منقوصة، ونحدِسُ أَنَّ قمةً عربيةً مصغرةً لن تُيسّر المقاديرَ اللازمةَ منها، لإنهاءِ عار الانقسام والتقسيم الفلسطيني المخزي.

 

Email