محاولات المحاور

ت + ت - الحجم الطبيعي

ضجة في مصر سبقت ورافقت انطلاق أولى الرحلات الجوية بين القاهرة وطهران، في مؤشر على انقشاع جزئي لغيوم عرقلت صفاء الأجواء بين البلدين. الضجة قوامها محاولة إيرانية مستميتة للتقارب والتطبيع الكامل مع مصر في ظل حكمها الإسلامي الجديد، حتى أن الإعلام المصري ذهب إلى القول إن طهران عرضت على الرئاسة المصرية إنقاذ خزينتها الخاوية بأربعين مليار دولار.

مقابل عودة العلاقات و"السياحة الدينية"، ما دفع التيار السلفي إلى التهيؤ للزحف نحو المطار لقطع الطريق على الأفواج الإيرانية المتأهبة. بالتأكيد هي سذاجة لا تصدق، أن تغامر الرئاسة المصرية بالمبادرة من جهتها للتقارب مع إيران، فتضع علاقاتها على المحك مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وحتى الولايات المتحدة الأميركية. الأكثر واقعية هو ما كشف عن مبادرة طهران إلى محاولة هذا التقارب عبر أكثر من مستوى أمني وسياسي، ومن خلال زيارات متتالية.

ما الذي ترمي إليه طهران؟ بالتأكيد هو استثمار للحد الأقصى للعامل الديني، وهو ما صدر صراحة من نائب قائد القوات المسلحة الإيرانية مسعود جزائري، فور الكشف عن الهاتف الاعتذاري بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ورئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، وعودة العلاقات بين الجانبين إلى "مجاريها"، قال جزائري "الولايات المتحدة وبريطانيا تحاولان أن تبدلا الإسلام الطاهر بالقيم الأميركية".

إيران بدأت منذ ما قبل زيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما الأخيرة لإسرائيل والأردن، وقليلاً بيت لحم، تستشعر خطراً منذ قال عبر التلفزيون العبري "أمام إيران عام لتصنيع القنبلة النووية"، وما تبعه من عودة قنوات الاتصال بين تل أبيب وأنقرة، أن هناك ملامح محور أو جبهة تحالف عريضة يعاد ترميمها في المنطقة، تستهدف أساساً قطع الطريق على برنامجها النووي قبل وصوله إلى رؤوس الصواريخ البالستية.

ما رجح هذا الاستشعار هو الترويج الإسرائيلي للحاجة إلى عودة التنسيق الاستخباري والعسكري مع تركيا، بحجة خطر وقوع الأسلحة الكيماوية السورية في أيدي "قوى معادية"، ثم ترك أوباما وزير خارجيته جون كيري في المنطقة لترتيب لقاء إسرائيلي فلسطيني في الأردن، بالتزامن مع اعتزام أردوغان زيارة قطاع غزة هذا الشهر، لتجميد هذه الجبهة الساخنة وتحييدها لاحقاً.

طبعاً يجب عدم إغفال المعضلة الكردية لدى تركيا، وبقاء بعض المناطق التركية ممرات لشحنات أسلحة بديلة إلى حزب الله، مع تزايد مؤشرات بدء انهيار النظام السوري ووقف الإمدادات الإيرانية من هذه الجهة، وهو ما يستدعي عودة التنسيق الأمني والاستخباري الإسرائيلي التركي.

إزاء هذه التطورات لا يتبقى لإيران الكثير من الخيارات، سوى المحاولة على جبهتين: الأولى محاولة اختراق مصر واستمالتها في مواجهة محور إسرائيل - تركيا، والثانية توثيق التحالف مع روسيا التي تمتلك ملفات عدة، بإمكانها تشويش الخطط وحتى النوايا الأميركية تجاه النظام في طهران، وليس أدل على ذلك من هذا الانفجار المفاجئ بين الكوريتين، والإعلان الغريب من قبل كوريا الشمالية للحرب على الجنوبية، وتوجيه الصواريخ البالستية نحو الولايات المتحدة نفسها.

Email