التعجيل بالكارثة

ت + ت - الحجم الطبيعي

خرج بنيامين نتانياهو من عنق الزجاجة وشكل حكومته، ليتحول هو وهي معاً إلى «عفريت» المنطقة برمتها وكابوسها المقبل، في ظل احتشاد الظروف الموضوعية التي تهيئ له هذه المكانة.

حلت العقدة بقبول يائير لبيد زعيم حزب «يوجد مستقبل» منصب وزير المالية، وهو المنادي بالعدالة الاجتماعية الذي سرعان ما ستثور النقمة عليه وهو يرضخ للتخلي عن شعاراته أمام ضرورة التقشف وإغلاق الصنبور عن المستوطنين.

لكن لبيد هذا يبقى هامشياً في مقابل فشله في انتزاع منصب وزير الخارجية من المتطرف العنصري أفيغدور ليبرمان.

وما إن تكتمل الدائرة الفاشية بموشيه يعلون وزيراً للدفاع خلفاً لإيهود باراك، والذي اشتهر بحماسه منقطع النظير للحروب باسم الإرهاب والبطش الأمني «الحازم»، فإن الحكومة الإسرائيلية الجديدة غير مسبوقة في منسوب الحقد والعنصرية والتعطش للدم.

ما كان هذا الأمر ليثير أي اهتمام لدى العربي الذي اعتاد كل صنوف الدموية الإسرائيلية، سواء كانت الحكومة ائتلافية أو من فريق متفرد، لولا ذلك التصريح الذي أدلى به الرئيس الأميركي باراك أوباما للتلفزيون الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي، قال: «أمام إيران عام واحد لتصنيع القنبلة النووية».

أيضاً كان يمكن لهذا التصريح أن يثير بعض التركيز والتوقف فقط، لولا ظهر وزير الخارجية الفرنسي فابيوس على شاشات التلفزة، يعلن جهاراً قرار بلاده بالاتفاق مع بريطانيا تسليح الجيش الحر في سوريا.

وما كادت تمضي ساعات على هذا التصريح، حتى هاجم الجيش السوري الحر للمرة الأولى كتيبة للحرس الجمهوري (حصن النظام) بين دمشق والجولان، ثم تبعت ذلك تقارير عن هروب الشهيرة بثينة شعبان، وعودة الانشقاقات الدبلوماسية، ومن ثم انشقاق رئيس هيئة الإمداد والتموين اللواء محمد خلوف، تلاه خروج أبواق النظام لتتهم الأردن بالسماح بدخول 300 من جنود الجيش الحر بعد تدريبهم، إلى داخل سوريا برفقة كميات كبيرة من الأسلحة.

إذاً، أوباما اختار بحنكة التلفزيون الإسرائيلي ليعلن جدولاً زمنياً للتحرك على الأرض ضد إيران في غضون العام، ذلك أنه يخاطب عبر هذا الجهاز ليس إسرائيل فقط، بل اللوبي الإسرائيلي القوي في الولايات المتحدة والقلق من تنامي القوة النووية الإيرانية، وهو ما وجد صدى مباشراً في تسريع تشكيل ما يمكن وصفه بحكومة حرب إسرائيلية، يقرع طبولها دبلوماسياً ليبرمان، ويهندسها على الأرض يعلون.

 الجدول الزمني هذا يعني إغلاق الملف السوري على عجل، أي تسريع إسقاط النظام بعد مداولات ومفاوضات ومماطلات بين واشنطن وموسكو، وفتح المجال لفرنسا وأوروبا لتتولى تسليح الجيش السوري الحر، لتمتعهما ببحبوحة تفتقدها الإدارة الأميركية العاجزة تماماً عن تبرير إرسال شحنات سلاح قد تقع في أيدي «جبهة النصرة» التي تصنفها أميركا ضمن قائمة منظمات الإرهاب.

وماذا عن الطرف الآخر؟

إيران تلبس قفاز التحدي، وتقول إنها تضع أيضاً «كل الخيارات» على الطاولة، بينما في حسبة بسيطة تختص بجمع وطرح الإمكانات، نجد قائمة الخيارات لا تقود إلا لكارثة جديدة في المنطقة، فمهما كانت تمتلك من سجادة مفاجآت، لا يمكن أن تصل إلى مقارعة قوة تنفق يومياً على التسلح أكثر من ملياري دولار!

 

Email