عن مهرجان طيران الإمارات للآداب

ت + ت - الحجم الطبيعي

خمسةُ أَيامٍ من الاحتكاك مع تجاربَ متنوعة، من الشرق والغرب، في الكتابةِ والتأليف، في إِبداعات المهاراتِ والأفكار، في الطهي والرسم والترفيه، في الآداب والفنون والإعلام، وفي غير هذا كله وغيرِه، أُتيحَ لآلافٍ من زوار مهرجان طيران الإمارات للآداب ورواده، في دورتِه الخامسة، الأسبوع الماضي، والتي كان عنوانُها البهجة في محاورة أَعلام من أَهل تلك التجارب، وفي التعرف إِلى منجزهم، وإِلى كيفيات اجتراح ما يبتكرون من رواياتٍ وقصصٍ وحكاياتٍ وقصائد، ومن أَفكار في شؤون الحياة وتدبير الشؤون الخاصة، وكذلك التعرف إِلى رؤاهم وتصوراتهم بشأن السعادة والتواصل الإنساني، إِلى غير ذلك من موضوعاتٍ تتعلق بالفرديِّ والإنساني، بالخاص والعام، بالعابر والجوهري، بالكبار والصغار، تنوَّعت بشأنها جلساتٌ عديدة في المهرجان الذي يؤكد انتظامُ نجاحاته سنوياً في دبي على أَنَّ في وسع التظاهرات المعنية بالثقافة أَنْ تجذب لها جمهوراً غزيراً، إذا ما تيسَّرت للقائمين عليها مخيلةٌ خلاقة، قادرةٌ على إِدراك المعادلة التي تُزاوج بين النخبوي والجماهيري، وبين الحسي والمجرد، وبين العميق والمثير.

لا تزيَّد في الزَّعم، هنا، أَن مهرجان طيران الإمارات للآداب يكاد وحدَه بين التظاهرات الثقافية في البلاد العربية الذي تُشاهَد فيه طوابيرُ طويلةٌ لجمهورٍ عريضٍ يطلب من مؤلفيه المحببين توقيعَهم على نسخٍ من كتبهم يشتريها هذا الجمهور بفرح.

ونظنُّه المهرجانَ الثقافيَّ الأَنجح الذي تتحقَّق فيه صيغةٌ موفقةٌ في تنظيم معرضٍ لكتبٍ منتقاةٍ يتواجد كتابها وصنّاعها أَمام جمهورٍ واسعٍ متنوع الأَمزجة والميول، فضلاً عن تنوعه السكاني والعرقي. ولعلَّها الميزةُ الأَبهى في دبي أَنها تُؤاخي بين ثقافات ساكنيها، وتُجاورُ ثقافةِ مواطنيها مع النسيج اللغويِّ المتعدد فيها.

والبادي أَنَّ القائمين على المهرجان وقعوا جيّداً على هذه الميزة في دبي، فكانت تحضُر في برامجه، منذ دورتِه الأولى قبل خمس سنوات، أُمسياتُ الشعر المحلي، وجلساتُ الحوار مع كتاب وكاتبات، من الإمارات متنوعي الاهتمامات، ضمن أُفقٍ ثقافيٍّ يتوسع عربياً وعالمياً، يلتقط تجاربَ مختلفةً من آسيا وأَميركا وأوروبا وإِفريقيا وأُستراليا، ما جعلَ المهرجانَ منصةً سنويةً، يطل فيها زائرها على هذه الحساسيات الفكرية والإبداعية، بعينٍ ترى العالم عائلةً إِنسانيةً واحدة، وهذا هو الأَهم الذي طالما جهرت به دبي، وجعلته واحداً من تفاصيلها.

إِذْ أَسعدتنا كثيراً فعاليات المهرجان، لما توفَّرت عليه من مباهجِ المعرفة والتذوق الفني واختبار الأفكار والرؤى، فإِنَّ سؤالاً نجدنا نطرحُه بشأنِ قلة المدعوين من الكتاب والأُدباء العرب، قياساً إِلى عدد طيبٍ منهم كان يحضرُ في الدورات السابقة.

 ومبعثُ السؤال أَنَّ المهرجان يلتفتُ باحترامٍ مؤكدٍ إِلى منجزات الأَدب العربي الراهنة، ومأمولٌ أَن يظل حرصه على تنويع حضور الكاتب العربي على الوتيرةِ المعهودة منه، على أَنَّ التأشير إِلى هذه الملاحظة لا يعني انتقاصاً جوهرياً من نجاحٍ ثمينٍ للدورة الخامسة، والتي سرَّتنا فيها جلساتها وأُمسياتها وفضاءاتها وعوالمها.. وطوابيرها، وازدحام جمهورٍ كثير.

 

Email