ما تحت الطاولة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هزم جهاز الاستخبارات المركزية الأميركية "سي آي ايه"، حليفه جهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباك"، لكن على الطريقة الهوليوودية المعتادة، التي انتخبت من أروقة البيت الأبيض وجهاً سينمائياً جديداً: ميشيل أوباما السيدة الأميركية الأولى.

زوجة الرئيس باراك أوباما لم تشارك في أي فيلم سينمائي، لكنها وبغرابة غير مفهومة، أعلنت الفيلم الفائز بجائزة "أوسكار" هذا العام، ما يعني حكماً وجود أبعاد سياسية للحدث الفني البحت. أعلنت ميشيل أوباما فوز الفيلم الأميركي "آرغو" بالجائزة، وهو فيلم يصور قصة حقيقية لمحاولة "سي آي ايه" إنقاذ ستة دبلوماسيين أميركيين في إيران، بعد اندلاع الثورة الإسلامية هناك عام 1979، تحت غطاء تصوير فيلم هوليوودي مزيف.

وهكذا انكفأ المخرج الإسرائيلي درور موري، مهزوماً أمام نظيره الأميركي بين أفليك، وجر الفيلم الإسرائيلي الوثائقي "حراس الحدود" أذيال الخيبة، رغم أنه يميط اللثام للمرة الأولى عن قناعات ومعلومات ستة من قادة جهاز "شاباك" ذي الباع الطويل والقذر في العمليات الإرهابية والاغتيالات.

هؤلاء هم: ابراهام شالوم (1980-1986)، يعقوب بيري (1988-1995)، كرمي غيلون (1995-1996)، عامي أيالون (1996-2000)، آفي ديختر (2000-2005) ويوفال ديسكين (2005-2011). يعرض الفيلم لأحداث الصراع مع الفلسطينيين منذ 45 عاما، لكن المثير للاهتمام فيه تلك الانتقادات غير المسبوقة من رجال أمن إلى القادة السياسيين في إسرائيل، علاوة على اعترافهم بـ"أخطاء" ارتكبوها خلال الخدمة.

يتبجح فيلم "حراس الحدود"، في أجزائه السبعة، بنجاحهم في اغتيال قادة منظمات المقاومة، بل و"فائدة" التعذيب خلال التحقيقات في الأقبية. هذا مفهوم، لكن الغرابة تكمن في حديث هؤلاء عن إرهاب اليهود المتطرفين، الذين قتل أحدهم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين.

الأكثر غرابة وريبة، هو أن يتحلى هؤلاء القتلة بآراء سياسية "حمائمية" ، فكما يقول مثلا آفي ديختر "لا تتم صناعة السلام بطرق عسكرية. عليك أن تبني السلام بناءً على نظام من الثقة، وبعد تنفيذ عمليات عسكرية أو من دونها. وأقول بعد تجربة طويلة ومعرفة الفلسطينيين؛ إنه لا توجد مشكلة في بناء علاقات حقيقية مبنية على الثقة".

 أما ابراهام شالوم (أول رئيس للشاباك) فيذهب أبعد من ذلك: "علينا التحدث مع كل من هو مستعد للتحدث معنا، بما في ذلك "حماس" و"الجهاد الإسلامي" ومحمود أحمدي نجاد، هذه صفة المخابرات المهنية التي تدعو للتحدث مع الجميع. هكذا تظهر الأمور بوضوح. أرى أنه لا يأكل الزجاج وهو يرى بأنني لا أشرب النفط".

هي ذي الزبدة إذن: ليس بالضرورة أن يتوازى الخطان السياسي والأمني، فالأعداء فوق الطاولة ربما يتصافحون تحتها، أو يتفاوضون على صفقة ما، فيتغير مسار الأحداث بشكل مفاجئ ويبقى للعامة التساؤل والاستهجان.

لا أدري لم يلح الموضوع السوري في هذه العجالة، ففي الوقت الذي يطلق وزير الخارجية الأميركي جون كيري تصريحات نارية ضد نظام بشار الأسد، ترفض إدارته تسليح معارضي بشار، بل وتترك لجيش حليفها في العراق نوري المالكي، أن يهب لنجدة جيش بشار بقصف الثوار على الحدود.

ما الذي يجري تحت الطاولة؟

Email