إطلالة على المغرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تسعة أيامٍ قضاها كاتب السطور التالية في المغرب، تلبيةً لدعوةٍ من وزارة الاتصال (الإعلام)، كانت فرصةً ثمينةً لتعرفه، عن قرب، على ما لا تزيد في اعتبارها ورشة إصلاح سياسي وديمقراطي يخوضها هذا البلد، في ظروف غير يسيرة، ووسط تحدياتٍ اقتصاديةٍ عويصة.

وإِذ يسَّر الزملاءُ هناك، لنا نحن في وفد صحافيٍّ، زيارةَ الصحراءِ المغربية (الغربية في تسميتِها الشائعة)، والتجوّل في مدينتِها الأَكبر العيون وجوهرتها الداخلة، فإنها كانت فرصة استثنائيّةً لرؤية الحقيقة الأَوضح، بأم العين، عن انتساب أَهل هذه المنطقة إِلى بلدهم وشعبهم، وانحيازِهم للبناءِ والتنمية والتحديثِ في أَقاليمهم، وهي الجنوبيّة للمملكة المغربية، من دون التفاتٍ لمزاعم انفصالية بائسة، يحسُن بكثيرين من أَهل اليسار العربي أن يعتذروا عن نصرتِهم لها، في زمن مضى.

هناك، حيث المشاريع عديدة في قطاعات الصيد البحري وتحلية مياه البحر والسياحة والزراعة والرياضة، تُدلّل لزائريها على أَن التنمية هي الرهان الأَهم الذي ينخرط فيه المغاربة الصحراويون الذين استمعنا لفاعليات وازنة منهم، إلى قناعتِهم بأَنَّ وطنهم الواحد الموحد هو عنوانهم، وإِنْ يتداولوا في تصوراتٍ وأُطروحاتٍ في المنتظم الدولي، تحت ثابت مظلة السيادة المغربية.

وإِلى هذه الإطلالةِ على ورشة التنمية النشطة في أَقاليم الصحراء، أَضاءَ لنا رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ووزراء السياحة والثقافة والسكنى والاتصال والميزانية والمالية والأوقاف والخارجية والنقل، وكذلك رئيسا البرلمان بغرفتيه، المستشارين والنواب، معطياتٍ وفيرةً عن المغرب في لحظته الراهنة، وملفاته وخياراته في تطوير نفسه، والتخفف من أَثقالٍ ماضية باقية، وفي مساره نحو تجاوز المعيقات والصعوبات وقلة الإمكانات، وهو يعبر إلى منعطفه الإصلاحي الواسع، بعد إقرار دستور جديد في يوليو 2011، نقصت فيه صلاحيات المؤسسة الملكية، مع احتفاظها بمكانتها الأساسية حكماً في الفضاء السياسي العام، وضامنةً لوحدة البلاد وأمنها واستقرارها، فيما اتّسعت الصلاحيات المفوضة لرئيس الحكومة ووزرائه، وللمنتخبين في التقسيمات الجهوية (اللامركزية).

 وكانت إفاداتٍ مهمةً، يسَّرها لنا أُستاذ القانون والوزير السابق، عبدالله ساعف، عن تفاصيل هذا المستجد الجوهري في الربيع المغربي، المغاير في تعبيراته ونواتجه عما جرى في غير بلد عربي.

وأَعطتنا زيارتنا المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، واستماعنا إِلى رئيسِه الوزير السابق، شكيب بنموسى، ومسؤولين فيه، إِفادةً خاصة في تبيان "قوة اقتراحية" للمجلس في شؤون التخطيط الاقتصادي والاجتماعي والإنمائي.

وكانت غبطتنا وفيرةً في زيارتنا الجامعة الدولية في الرباط، فقد تعرفنا إِلى صرح علمي إمكاناته متطورة في تدريس التكنولوجيات المتنوعة، وبعث استماعنا إِلى أَساتذة وخبراء في الجامعة شعوراً بالاعتزاز بهم، كفاءات عربية قديرة.

نحدِسُ أَنَّ المغرب غنيٌّ بنظرائهم في غير حقلٍ واختصاص، ولأنه كذلك، فإِننا على يقينٍ من نجاحِه في امتحانه السياسي والإصلاحي والتنموي المثير، والذي أَسعد كاتب هذه السطور أَنه عاين بعض تفاصيله في زيارةٍ ثرية، عزَّزت ثقته بنجاح المغاربة في هذا الامتحان غير الهيّن.

 

Email