إسرائيل و«ربيعنا»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في الذكرى الثانية للثورة المصرية، أعد المعهد الإسرائيلي للسياسة الخارجية الإقليميةK دراسة عنونها بـ«الحديث الإسرائيلي عن الربيع العربي»، تضمنت رصداً لوجهات نظر أقطاب القرار الإسرائيلي تجاه ما يحدث في الساحة العربية.

وعلى أهمية ما في الدراسة من قيمة إحصائية وتحليلية، إلا أن الأهمية المعلوماتية لا تقل أبداً عنها، كعادة مراكز الأبحاث الإسرائيلية، التي تبدأ بتسليط الضوء على موقف إسرائيلي مغاير تماماً للتوجهات الأميركية، لتنتهي بالتطابق التام بين الجانبين.

أبرز المعسكرات لجهة التحليل والاعتقاد في إسرائيل: معسكرا بنيامين نتانياهو، وشيمون بيريز. فبينما ينظر نتانياهو بعين الريبة والشك والامتعاض لـ«الربيع العربي»، يخالفه بيريز تماماً برؤية استبشارية وتبشيرية في ذات الآن.

نتانياهو وحليفه موشيه يعلون، يرسمان نظرة سلبية لجهة التوجس من صعود الحركات الإسلامية إلى سدة الحكم وقطفها ثمار هذا الربيع، إلى حد وصف نتانياهو ما يحدث بـ«الخريف الإسلامي»، وهو محق في التشبيه الخاص بنهاية ربيع هذه الحركات بعدما تورطت وغاصت عميقاً في الحكم، لكنه لا يخفي تفضيله بروز تيارات «ديمقراطية ليبرالية».

في المقابل يرى بيريز، ثعلب المخططات المستقبلية ومنظر «السوق الشرق أوسطية»، أن التفاؤل هو سيد الموقف، وأن سطوع نجم الحركات السياسية الإسلامية مارق ومؤقت، لعدم قدرتها على استيعاب ذهنيات وتطلعات الشباب مفجري الثورات.

تنقل الدراسة عن بيريز قوله نصاً: إن إسرائيل تُرحب برياح التغيير التي جلبها الربيع العربي، وتعده فرصة كبيرة. وحتى لو سيطر «الإخوان المسلمين» على مقاليد الحكم في المرحلة الأولى، فإن حكمهم لن يستقر إذا لم يلبوا مطالب الشباب العربي، الذين هم منفتحون أكثر، ومتقدمون أكثر.

حقيقة، ما يهمنا من الموقف الإسرائيلي، هو ما تسربه الدراسة من قناعات مخضرمي الاستخبارات في إسرائيل أمثال عاموس يدلين، الذي يرى في «الربيع العربي فرصة» وأن ما يحدث في ثناياه «يضعف المحور الراديكالي المضاد» للدولة العبرية. تدلل الدراسة على منبع التفاؤل هذا بمبادرة لعقد لقاء بين ممثلي «إخوان» مصر ومسؤولين إسرائيليين في الولايات المتحدة في يونيو الماضي، لكنه أجهض بعدما تسربت أنباؤه للإعلام.

كفة الاستخبارات بالتأكيد ترجح على مواقف ورؤى نتانياهو وبيريز، وهو ما تدعمه استطلاعات الرأي التي كشفت عن «اطمئنان» الرأي العام الإسرائيلي لفوز محمد مرسي بالرئاسة المصرية، إذ وصلت نسبة من يعتقد منهم بأن اتفاقات السلام بين الطرفين ستصمد، في يونيو الماضي، إلى 74 % بعدما كانت 63 % في العام الذي قبله.

هذا تنسبه الدراسة إلى «الرسائل المطمئنة من القيادة المصرية الجديدة عامة، ومن الرئيس مرسي خاصة».

الريبة الإسرائيلية من الربيع العربي تبددها نتائج الدراسة المتفائلة والمتناغمة مع التوجه الأميركي، لجهة عقد تحالفات مع «الإخوان» وتسهيل أدوات الدعم لهم. التحليلات المتسرعة، تقول بأن ما يجري خطة من العم سام لتلويث الجماعة بالسلطة. ربما، ولكن ماذا لو انبرى «الإخوان» لمهمة تكسير كل القوى الديمقراطية الأخرى؟

طبعاً الرابح الوحيد هو نفسه العم سام، الذي لا يحتمل الخسارة!

Email