ملفات في تل أبيب

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما هو متوقع، وكدأب سابقيه، تجري الاستعدادات لزيارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى المنطقة في العشرين من مارس المقبل، إذ تبقى منطقة الشرق الأوسط بقضاياها الملتهبة، بؤرة اهتمام الإدارة الأميركية، وخصوصا في الولاية الثانية للرئيس، لكن بوصلة الزيارة المتعجلة هذه المرة تحدد اتجاه السياسة الأميركية في المنطقة. جدول الزيارة لا يختلف عن السابق:

إسرائيل أولاً ومعها رام الله ومن ثم الأردن، أي كل ما يحيط بالدولة العبرية من قنوات اتصال مفتوحة أميركيا، لتبقى الفلسفة ذاتها في اعتبار إسرائيل جزءا من "الأمن القومي الأميركي"، بغض النظر عن آلاف الأميال وراء البحار. نعم، إسرائيل أولوية بكل ما يحوطها من متغيرات وقضايا عالقة، وتاليا فإن أجندة أوباما القادم إلى المنطقة ثلاثة:

التقديرات الاستخبارية التي تتحدث عن نحو أربعة شهور هي ما تبقى لنظام الرئيس السوري بشار الأسد، والقلق الأميركي الإسرائيلي المشترك منبعه ليس فقط التخوفات المبالغ فيها بشأن أسلحة بشار الكيماوية ومخاطر وقوعها في أيدي حزب الله أو ميليشيات جهادية، بل النظام السوري الجديد شكلا ومضمونا.

فقد تحدثت تقارير تترى عن نجاح فرق استخبارية غربية في التموضع على الأراضي السورية، لمهمة وحيدة هي "تأمين مواقع الأسلحة الكيماوية"، ورأينا حين كانت قوافل تهم بإخراج مثل هذه الأسلحة من موقع سوري، كيف أغارت الطائرات الإسرائيلية لتدمير مواقع أربعة والقافلة نفسها.

إذن، هو ملف سهل في ظل الرقابة الفضائية المحكمة لكل متر في سوريا، لكن النظام السوري الجديد ومصير هذا البلد برمته هو ما يشغل بال الحليفين الأميركي والإسرائيلي، لجهة استعداده للانضمام لمعسكر السلام بعد انفصاله عن معسكر "الممانعة"، وبالتالي اتخاذ الدولة العبرية استعدادات لاستمالة القادم الجديد أو التحوط له أمنيا وعسكريا.

ثم يلحق بهذا الملف النووي الإيراني. في الفترة القريبة الماضية، نجح الأميركيون في صب ماء بارد على رعونة بنيامين نتانياهو، وحماسه الأهوج لتوجيه ضربات إلى مواقع نووية إيرانية على أساس قرب امتلاك طهران للسلاح النووي.

تمثل ذلك في قناعة البيت الأبيض بأن الحصار الخانق لإيران يؤتي أكله، بتأزيم الوضع الداخلي وتهيئة مناخ الهبات الجماهيرية المعارضة، فضلا وهو الأهم- عن الاختراقات الفيروسية الالكترونية للبرنامج النووي الإيراني، إلى جانب اغتيالات العقول، وكما حدث أخيرا تفجير منشآت نووية، كانت إيران أنكرته. إذن، هو ملف على مائدة الحسم في ولاية أوباما الثانية، لكن وسائل هذا الحسم ستبقى حبيسة المحادثات المغلقة بين الرئيس الأميركي الزائر ونتانياهو، وإن كانت تصريحات للسفير الأميركي في تل أبيب أعادت نغمة "الخيار العسكري يبقى على الطاولة".

ثالث ملفات أوباما: القضية الفلسطينية. استبق وزير الخارجية الأميركي جون كيري هذه الزيارة بتنشيط دبلوماسية الهاتف مع كل من نتانياهو والرئيس محمود عباس، لضمان التزامهما بحل الدولتين، وهو ما حصل عليه، وبادر من فوره في إعداد الملفات، الأمر الذي دفع نتانياهو إلى محاولة تشكيل ائتلاف حكومي قابل للمضي في هذا الاتجاه، فضلا عن تفريغ مفاوضه المخضرم اسحق مولخو للمواجهة المقبلة مع الفلسطينيين.

ثلاثة ملفات شائكة سترسم ملامحها.. في تل أبيب!

Email