نظام «الممانعة»

ت + ت - الحجم الطبيعي

«نظام الأسد يقترب من الهلاك»، هذا ما تعتقده دوائر صنع القرار في إسرائيل، على أساس أن بشار يسيطر حالياً على أقل من 40 في المئة من مساحة سوريا، والجيش الحر يحقق إنجازات متتالية على الأرض مقابل تزايد الانشقاقات في صفوف الجيش النظامي، ولا تغفل هذه الدوائر عاملاً آخر هو «انضمام المجموعات الجهادية إلى جانب الثوار».

والتي تتمركز في الجنوب باسم «جبهة النصرة»، إضافة إلى جماعة «أبو سياف» التابعتين لتنظيم القاعدة. على أن أحداً لم يسمع بأي «سياف» في سوريا، لكن هذه الجماعات هي مصدر قلق الدولة العبرانية، إضافة إلى حزب الله اللبناني.

خرج بنيامين نتانياهو الأسبوع الماضي على شاشات التلفزة ليطلق قلقه من السلاح الكيماوي السوري، وعلى الفور قطع إيهود باراك مشاركته في منتدى دافوس، وما هي إلا ساعات حتى كانت الطائرات الإسرائيلية تغير على «هدف داخل سوريا». هذا الهدف ما زال غامضاً، رغم ربطه بـ«التهديد الكيماوي»، وبقي في مصاف التخمين بين معمل أو مركز أبحاث.

بينما التحليلات الصحافية الإسرائيلية تستبعد تماماً أن يكون الهدف مخازن أسلحة كيماوية أو شحنات من هذه الأسلحة كانت تهم بالتوجه إلى ترسانة «سكود» التابعة لحزب الله، على أساس أن الإسرائيليين يخشون تأثيرات هذه الأسلحة البيئية حال قصفها!

لكن العميد المتقاعد في جهاز «الموساد» الإسرائيلي أمنون سوفرين، يقول بحسب الصحف: «نراقب القوافل التي تعبر بين سوريا ولبنان، ساعة بساعة، وإن علمنا بقافلة تنقل أسلحة كيماوية فلن نتردد في أن نوقفها. حزب الله يحاول نقل أسلحته الموجودة في سوريا إلى لبنان، ويحاول نقل رؤوس حربية كيماوية، قبل سقوط نظام بشار الأسد».

وهو بالضبط ما تطابق مع التسريبات التي تحدثت عن إبلاغ الإسرائيليين الإدارة الأميركية، بأنها لن تتردد في التدخل عسكرياً إذا تمكن حتى الجيش الحر من السيطرة على أي من مخازن الأسلحة الكيماوية، وهو ما أسس لتكهنات قالت بأن «الهدف الغامض قصف قبل سيطرة الجيش الحر عليه».

إذاً، المفارقة التي لا يحتملها حتى قاموس العجائب، أن إسرائيل تضع خطاً أحمر بموجبه لن تسمح لأي كان في سوريا، بامتلاك أسلحة كيماوية باستثناء «نظام الممانعة»!

الغارة الإسرائيلية الأخيرة تضع «ممانعة» بشار الأسد على المحك، فهل كان النظام السوري خبير في اللعب على كل الحبال؟ وما هذه الحصانة العجيبة التي يعطيها هذا النظام للطائرات الإسرائيلية لتصول وتجول في الأجواء السورية، منذ مفاعل «أبو كبير» إلى هذا الهدف الغامض؟

إن كان مبرر النظام انتظار توازن القوى المعهود، فإنه في أعماق قناعاته يدرك أن العدد التنازلي لوجوده قد بدأ بالفعل، والمنطقي أن يفعلها «عليّ وعلى أعدائي». وإن كان المبرر عدم امتلاكه منظومة صاروخية دفاعية رادعة، فإن هذه المنظومة أثبتت فعاليتها حين اصطادت الطائرة التركية فور اختراقها المجال الجوي السوري.

إذاً، هي فقط حصانة يمنحها هذا النظام «الممانع» للطائرات الإسرائيلية، ما يتطلب البحث التاريخي عن حقيقة ارتباطاته.

Email