2012.. شخصيات وإحباطات

ت + ت - الحجم الطبيعي

باراك أوباما وملالا يوسف ومحمد مرسي، ثلاثة فاضلت بينهم "تايم" لاختيار شخصية 2012، ثم حسَمتها في الرئيس الأَميركي الذي حافظ على مكوثِه في البيت الأَبيض، وكانت قد اختارته شخصية 2008، لمّا صار أَول رئيس أَسود للولايات المتحدة.

ولسنا مضطرين، طبعاً، عرباً أَو غير عرب، لأَن نتبنّى اختيارات المجلة الأميركية الشهيرة في تقليدها السنوي، فلدينا حساباتُنا التي قد لا تتفق مع رهاناتها، مع التسليم بعجزِنا، نحن العالمثالثيين، عن إشهار اختياراتنا، إذا ما عمدت وسيلةٌ إِعلاميةٌ لدينا إِلى تعيين اسم شخصيةٍ لكل عام، من قبيل اعتبار طفلةٍ سوريةٍ في مخيم الزعتري ماتت جرّاءَ البرد شخصية 2012، أَو إِشهار شعب الهند شخصية هذا العام، لتضامنِه البديع مع فتاةٍ قضت بعد اغتصابِها في عدوانٍ جماعيٍّ شنيع، وقد واصل هذا الشعبُ احتجاجات واسعةً على الجريمة، وأَلغى احتفالات رأس السنة بسببِها.

ولم لا تكون المرأة الليبية شخصية العام، وقد شاركت فيه بحماسٍ في أول انتخاباتٍ شفافةٍ في بلدها منذ عقود، وكان من أشنع تفاهات نظام معمر القذافي تغييب هذه المرأَة، واختصارِ صورتِها في حارساتِ القائد الملهم، وقد وصل عددٌ طيب منها إِلى البرلمان المستجد.

كان 2012 عاماً عربياً سيئاً، فبقدر ما كان سابقُه عام آمالٍ واسعةٍ بنجاح ثوراتِه إِلى استقرارٍ سياسيٍّ ونهوضٍ وطنيٍّ وإِقلاعٍ ديمقراطي، جاءَ تاليه عامَ إِحباطاتٍ غير هينة، فقد مضى بشار الأَسد وفريق القتل الذي يقودُه في سوريا، بعيداً في إِشاعةِ يأسٍ من الربيع العربي، حين صارت القذائفُ والصواريخُ أَدوات مواجهةِ أَشواقِ شعبٍ عربي يتطلع إِلى الخلاصِ من نظامٍ أَحال البلادَ جحيماً.

كان عام خيبةٍ في تونس، دلّ على ذلك أَنَّ سيدي بوزيد، مهد الثورة، لم تبتهج بعامين عليها، ورشقت بالحجارةِ حكام البلاد من زوارها في المناسبة، ما عنى أَنَّ الرهاناتِ المعيشيةَ والاقتصادية والتنموية التي تطلع الشعب التونسي إِلى تحقيقها أخفقت، وأَنَّ المسار الذي تمضي فيه تونس ليس في وجهةٍ تُنجز هذه الرهانات.

 أَما مصر، فالمشهد فيها شديدُ الوضوح، فقد اختُتم العام، الفارط بلغة إِخواننا المغاربة، بحديثٍ عن مخاوفَ من إِفلاسٍ اقتصادي، ما اضطرَّ الرئيس ورئيس حكومته إِلى إِشاعةِ لغةٍ دفاعيةٍ مرتبكة، تسعى إِلى إِرضاءِ صندوق النقد الدولي والمستثمرين الأَجانب، من دون أَنْ تقنع عامة المصريين بها.

كان عاماً سيئاً، يُحسبُ اعتداءُ حركة طالبان باكستان على مدرّسة البنات، ملالا يوسف، واحداً من مظاهر التعصب المتفشي فيه في بلدٍ إِسلامي، فثمة خيبةُ الفلسطينيين من عدم إنجاز المصالحة بين "فتح" و"حماس"، بعد آمالٍ عريضةٍ بذلك عند توقيع اتفاق الدوحة في فبراير الماضي، وثمّة عدم التوافق في الأُردن على قانون انتخابات ممثلة، تتم الشهر الجاري. وثمّة كثيرٌ غير هذا وذاك، في أَرشيفِ اثني عشر شهراً مضت، لم تعتن به "التايم" جيداً، بدلالةِ اختيارها أوباما شخصية 2012.

 

Email