توت عنخ آمون أيضاً

ت + ت - الحجم الطبيعي

نُبشِت جثة الرئيس التركي السابق تورغوت أُوزال، قبل أَيام، لكشف ملابساتِ وفاته في 1993، وقالت لجنة تحقيق إِنَّ سُماً وُضع في كأس عصيرٍ شربَه فقضى مقتولاً.

وقبل أَيام، أَيضاً، أُخذت عيناتٌ من رفات ياسر عرفات، لحسمِ حقيقة التدبير الإسرائيلي في اغتياله.

ودُفنت، الأُسبوع الماضي، جثة الليبي منصور الكيخيا، بعد العثور عليها في طرابلس، بعد عشرين عاماً على اختفائِه في القاهرة، وحُسمت حقيقة اقتراف نظام معمر القذافي خطفَه ثم قتله.

وليس الثلاثة وحدهم تحيطُ بغيابهم أَسرارٌ صعبة، فثمة شكوكٌ شائعةٌ بشأن هواري بومدين وجمال عبد الناصر وصبري البنا وغازي كنعان وأَشرف مروان وسعاد حسني وغيرهم، وكانت برلنتي عبد الحميد تقولُ إِنَّ سمّاً في كأس عصير جوافة قتل بعلَها عبد الحكيم عامر.

وثمّة أَلغازٌ عصيةٌ ما زالت تُفتش عن تفكيكِها بشأن إِخفاء اللبنانيين موسى الصدر ورفيقيْه، والمغربي المهدي بن بركة، وبشأن اختفاء المصري رضا هلال، والسوري شبلي العيسمي.

ليس نبشُ جثماني عرفات وأُوزال، أخيراً، مناسبة استحضار هذه الأسماء من أَرشيف الألغاز والأسرار المثيرة، بل هو الجدل الذي تجدَّد بشأن وفاة توت عنخ آمون، قبل 3335 عاماً، وما إِذا كانت غيلةً وغدراً، أَم بسبب مرض، أَم لإصابته ببلطةٍ حديد عند سقوطِه من عربة حربية.

والبادي أَنَّ حسمَ وفاة الملك الفرعوني بمرضِه بنوعٍ خبيثٍ من الملاريا، كما أَشهر ذلك عالم الآثار المعروف زاهي حواس، قبل عامين، لم يُقنع خبراءَ وباحثين في المومياوات والفرعونيات، مع أَنَّ حواس استندَ في كشفه ذاك إِلى تحليلاتٍ علميةٍ مضنيةٍ، للحمض النووي للفرعون الذي قضى عن 19 عاماً، واعتُبر اكتشافُ البريطاني، هوارد كارتر، كنوزَه ومقبرتَه قبل 90 عاماً، حدثاً عالمياً باهراً.

وهذا عالمٌ بريطاني، اسمه هوتان أَشرفيان، ينشرُ، قبل أَسابيع، بحثاً يذهبُ فيه إِلى أَنَّ موت توت يعودُ إِلى مرضِه بتضخم الثدي، لأَنَّ بنيته كانت أُنثوية، فتصدّى لهذه الأُزعومة عالمٌ مصري، ووصفها بأَنها كلام فارغ، وحذَّر من «خطر العبث بالحمض النووي لقدماءِ المصريين، وإِعطائه إِلى باحثين هواة».

لا يلتفتُ دارسُ المومياوات المصري، أَحمد صالح، إِلى «الفرية» الجديدة هذه، وفيما يستعرض الاحتمالاتِ التي شاعت بشأن وفاة صاحبنا، من قبيل بدانته وإِصابتِه بالسل، إِلا أَنه يُرجِّح مؤامرةً مدبرةً وراءَ وفاته، أَو قتله على الأَصح، ربما من «حور محب» و«آي»، اللذين يتهمهما صالح بأَنهما كانا طامعيْن في العرش، وهو ما كان يشعرُ به توت عنخ آمون نفسه..

تبدو قصةُ المؤامرة هذه مثيرةً، وأَكثر جاذبيةً من خراريف الملاريا والسل والبدانة، والبديعُ فيها أَنها ما زالت مطروحةً للتحقيق فيها، ولكن من جانب باحثين وخبراءَ وعلماء، لا من أَجهزة بحثٍ جنائيٍّ وشرطةٍ ونيابةٍ عامة، ربما تنجلي حقيقتُها، قبل أَنْ نعرفَ من قتل ياسر عرفات، وكيف أُخفيَ موسى الصدر، ومن أخفى شبلي العيسمي.. أمثلة فقط.

 

Email