عن مؤسسة الفكر العربي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يذهب تقرير التنمية الثقافية الخامس لمؤسسة الفكر العربي، إِلى قضيةٍ باتت تفرضُ نفسَها في مسألة التخطيط الثقافي الراهن، وهي "الاقتصاد العربي القائم على المعرفة"، ويخوضُ في هذا الشأن بحرفيّةٍ تحليليةٍ عالية، تقفُ على المعطياتِ الإحصائيةِ والاستقصائيةِ المتنوعة في ميدانه، وتتوفر على تشخيصٍ وافٍ للمسائل المتصلة به، ما يجعل لخلاصتِه قيمةً استثنائيةً في تحليل راهنِ مجتمع المعرفة في بلادنا العربية.

وهو، في هذا وغيرِه، يتكاملُ مع تقارير أربعةٍ سابقةٍ أَنجزتها المؤسسة الرائدة، ويسعفُ صنّاع القرار في قطاعاتِ الإنتاج المعرفي والإعلامي، على تنوع وسائطه وأَدواته وقنواته، في إِدراك الفضاءِ العربي العام الذي تتحرك فيه النواتجُ المختلفةُ في هذه القطاعات، والذي تلتبسُ فيه مظاهرُ ليست مرضية، على أصعدة المحتوى والنوع والتوزيع والانتشار، بالنظر إِلى خللٍ ظاهرٍ في مسأَلة التنمية المتوازنة والشاملة، وبالنظر، قبل ذلك وبعده، إِلى الفجوة غير الهينة بين الدول العربية والدول المتقدمة، وبينها دول آسيوية، في مجال تنمية اقتصادِ المعرفة.

تُسوِّغ الأَهميةُ الخاصة للجهودِ التي تواصلها مؤسسة الفكر العربي منذ أَحد عشر عاماً، الجدية والشفافية، وكذا النزوعُ العلمي البعيدُ عن الإنشائية والعموميات السطحية، وهذا تقريرُها الجديد، كما قام عليه خبراءُ مختصون، يؤشر إِلى ما قد يكون صادماً فيه، ويسأَل، في مقدمته، عما لا يصدمُ اليوم في بلاد العرب، ويحيلُ، في الوقت نفسه، إِلى "تفاصيل ومؤشراتٍ إِيجابية"، تبعث، أَحياناً، على التفاؤل هنا أَو هناك.

ونحسبُ أَنَّه الحسُّ العالي بالمسؤولية العلمية الذي يحكمُ عمل المؤسسة، ويُوجِّه خياراتِها ومشاغلها، هو الذي تهتدي به دائماً في مشروعاتِها المتجددة كل عام، وفي ورشاتِ النقاش والعمل التي تُبادر إِلى تنظيمِها دورياً.

 وهذا مشروعُ "لننهض بلغتنا"، حول مستقبل اللغة العربية، باستطلاعاتِه وخلاصاتِه وتوصياته على سبعة أصعدة، دليلٌ جديدٌ على أَنَّ هذا الحسَّ مؤكدٌ في هذا المنجز العلمي، والذي يتّجه إِلى صناع القرار في بلادِنا العربية، من أَجل الشروع فوراً في جهدٍ ينقذ اللغةَ العربية من حالِها غير المرضي في بلادِها، بالتنفيذ العملي لتوصيات إِعلان "لننهض بلغتنا"، والتي ارتكزت على توصيفٍ ميدانيٍّ لذلك الحال المؤسف.

يحتاجُ التقرير والمشروع، واللذين أطلقا الأسبوع الجاري في دبي، إِلى وقفاتٍ موسعة، تقفُ على الرؤى والتصورات والمعطيات فيهما، والتي ما كانت لتتوفر قيمتُها العالية، لولا الحيوية في التنسيق والإشراف والمتابعة والتوجيه، والتي تتبدّى في الرعايةِ التي يُبديها رئيس مؤسسة الفكر العربي، الأمير خالد الفيصل، وفي دأْب أمين عام المؤسسة، الدكتور سليمان عبد المنعم، والشكر موصولٌ لشخصيهما الكريمين، وكذا لفريق المؤسسة الإداري والبحثي، وللخبراءِ والمختصين الذين تتعاون معهم، لما نحظى به، نحن متابعي أَشغال المؤسسة، من منجزاتٍ متنوعةٍ، لها أَهميتها الثمينة لراهن الأمةِ العربية ومستقبلها، من جديدها تقريرٌ خامسٌ بالغ التميز في موضوعٍ مستجد، وإِعلانٌ يستنهض صناع القرار بشأن إِنقاذ اللغة العربية في بلادها.. بلادنا.

 

Email