صواريخ على تل أبيب

ت + ت - الحجم الطبيعي

تُفاجئنا المقاومةُ الفلسطينية في قطاع غزة، بقدرةِ وصول صواريخها إِلى تل أبيب، وعلى إحداث الهلع لدى الإسرائيليين هناك، بل وقدرة هذه الصواريخ على الوصول إلى القدس المحتلة.

ولأن المسألةَ مفاجئةٌ حقاً، فذلك يعني أَنها منقوصة وقاصرة، معرفتنا بالمقاومةِ التي ينتسبُ إِليها شبان مجاهدون، ينشطون في ظروفِ حصارٍ شنيع، وتُطاردهم الطائراتُ الحربية الإسرائيلية، وتلاحقهم عيونُ العملاء، فيحملون أَرواحهم بين أَكفهم، سيما وأَنَّ سلاحهم الصاروخي من تصنيعِهم بإِمكاناتهم شديدةِ المحدودية.

وإِلى الإعجاب الواجبِ بروحهم الكفاحية، وبإرادتهم المكينة، فإِنَّ المرءَ في وسعه أَنْ ينتظر من هؤلاءِ الشبان الصابرين ما يُدهش، وما يُساعد في تظهير مقاومةٍ فلسطينيةٍ مسؤولة، يأتي نضالها بثمارِه على النحو الذي يتوخاه الفلسطينيون، ليس فقط على صعيد إِقلاق الاحتلال، وجعله لا ينعمُ بالسكينة في مستوطناتِه ومواقع جنوده، بل أَيضاً على الصعيد السياسي، حين تتكامل أَنشطةُ المقاومة وفعالياتها مع الكفاح السياسي في طريق تحقيق تطلعات الفلسطينيين إِلى الدولة المستقلة وعاصمتها القدس.

أَسوأُ ما ينتاب المرءَ من أَحاسيس، أَمام مشاهد الجزع بين الإسرائيليين في تل أَبيب، وهم يدخلون إِلى الملاجئ، هو النفور من أَنَّ طرفاً فلسطينيا نافذاً أَلغى تماماً معادلة المقاومة في الفضاء الكفاحي، وعمل على تسخيفها، وتوهَّم أَنَّ شغله الدبلوماسي والسياسي القاصر، وحده ما ينبغي أَنْ يحظى بأَن تُراعى اعتباراته، أَما توسل السلاح واستهداف المعتدين الإسرائيليين فعسكرةٌ مرفوضة، لا يمكن السماح بها.

بحسب هذا الطرف الذي يمكنُه التخفيف من اندفاعته هذه في هذا الكلام الذي يُضاعفُ شقاقَ الفلسطينيين، فيدعو، مثلاً، إِلى ترشيد المقاومة، بأَنْ لا تتبدَّد جهودُها في ضرباتٍ غير مدروسة، أَو هوائيةٍ ذات محمول استعراضي، فلا تستهدف المدنيين الإسرائيليين، ويتركز جهدها على المسلحين من عناصر الجيش والأَمن، ومن المستوطنين الذين يُطلق جيش الاحتلال أَيديهم في استباحةِ مقدرات الفلسطينيين الآمنين وأَرزاقهم.

هذه الرؤيةُ الناظمةُ، والتي لا ضير في الجهر بها، وإِنْ في المقام الذي نحن فيه، حيث طائراتُ الحرب الإسرائيلية تتقصدُ في غاراتٍ عدوانية الفتك بالمدنيين الفلسطينيين، ومنهم الأطفال والنساء والشيوخ، وقد قضى أَزيد من مائةٍ وخمسة عشر فلسطينياً في جرائم هذه الغارات، ما لا يمكن في صددِه أَنْ تصمت عليه المقاومة، وأَنْ تتساهلَ في الرد عليه.

وليس من الوعظ وإِعطاء الدروس قولنا، وغيرنا، إِن الرصيد المدهش الذي حازته المقاومة في الأيام الماضية، جراءَ رمي تل أَبيب بالصواريخ، يمكن البناءُ عليه وحمايته، وذلك بقصر أَهداف هذه الصواريخ، وكذا عموم أَسلحة المقاومة، في اتجاه إِصابة الاحتلال في ما يؤذيه، الأَمر الذي لم تؤدِّ إِليه ضرباتٌ معتادةٌ على محيط المستوطنات حوالي قطاع غزة.

والمناضلون المحاربون في الكتائب الجهادية في المقاومة أَدرى بما هو أَجدى وأَنفع، نشدُّ على أَيديهم، ونشكرهم على مفاجأتهم الثمينة التي زادتنا معرفةً بقدراتهم المبتكرة، وإمكاناتهم الخلاقة، في طريق النصر والانتصار إِن شاءَ الله.

 

Email