عن رسالة مرسي إلى بيريز

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يتعهد الرئيس المصري، محمد مرسي، في وعود المائة يوم الأولى في ولايتِه بقطع بلاده العلاقات مع إِسرائيل، وإِبان حملتِه الانتخابية، لم يجد حرجاً في قوله إِنَّ لقاءاتٍ بين مسؤولين مصريين وإِسرائيليين ستحدث، ومثل غيرِه من المرشحين المتنافسين في الأَثناء، اكتفى بوعد العمل على تعديل اتفاقية كامب ديفيد، (متى؟)، ولم يأت على إِلغاء معاهدة السلام.

يأْتي هذا الأَرشيف القريب إِلى البال، في أَثناء الجدل الراهن، والمشروع، بشأْن إِرسال القاهرة سفيراً جديداً إِلى إِسرائيل، مرفوقاً برسالةٍ ضافيةٍ بالصداقةِ الحميمية إِلى رئيس إِسرائيل، شيمون بيريز، بتوقيع مرسي، أَوضحت الرئاسة، تالياً، إِنها تعابير بروتوكولية في رسائل إِيفاد السفراء إِلى كل الدول.

تماماً، ربما، كما هو بروتوكولي أَنْ يشرب رئيس إِسرائيل مع أَيِّ سفير جديد نخباً أَمام عدسات الإعلام، من دون أَن يكون المعهود، طبعاً، أَنْ تُشهر إِسرائيل (وغيرها) رسائل الرؤساءِ إِليها لتعيين السفراء، ولا أَن يكون المعهود حضور مائتين وخمسين إِعلامياً في منزل بيريز لالتقاط صور السفير الجديد عاطف سالم في ضيافة بيريز، يشربان قدحي ماء، كما أَوضحت الرئاسة الإسرائيلية، من دون أَنْ تُؤشر إِلى أَنَّ الضيافةَ في منزل رئيس الدولة العبرية في القدس الشرقية التي تعترف بها القاهرة، في زمني حسني مبارك ومحمد مرسي، عاصمةً للدولة الفلسطينية.

مسوَّغٌ أَنْ تثيرَ الرسالة التي تعمدت تل أَبيب نشرها، استهجاناً مصرياً وعربياً واسعيْن، سيما وأَنَّ مرسي يُخاطب فيها بيريز صديقاً وفياً، ليس فقط لانتسابِ مرسي إِلى زمن الثورة المصرية، وإِلى الإسلام السياسي بمواقفِه المعلومة التي منها، أَخيراً، دعوة مرشد الإخوان المسلمين، محمد بديع، إِلى الجهاد، بل، أَيضاً، لأَن إِرسال السفير، مصحوباً بتلك الرسالة، التي قال فقهاء في الدبلوماسية إِنه كان يُمكن تعديلها وتضمينها عبارات أقل حميمية.

جاءَ في ظرفٍ كان متوقعاً، أَو مطلوباً على الأصح، من القاهرة، أَنْ تجهرَ بمواقفَ قويةٍ في أَثنائه، حيث أَقرَّ بنيامين نتنياهو وثيقةً لا تعتبر الضفة الغربية أَرضاً محتلة، وحيث تشدَّدت إِسرائيل في عنصريةٍ متوحشةٍ تجاه أَهل قطاع غزة، عندما نشرت وثيقةً تحدد كمية السعرات الحرارية المطلوب أَنْ يكتفي الغزي المحاصر باستهلاكها، فيما ظلَّ منتظراً من القاهرة، بعد مائة يوم على رئاسة مرسي، أَنْ تعمدَ إِلى وسائل وإِجراءاتٍ عملية من شأْنها إِنهاء الحصار على قطاع غزة، وإِلى خطواتٍ سياسيةٍ ودبلوماسية، يمكن حسبانُها ردّاً على تصعيدِ الاعتداءات الإسرائيلية في الأسبوعين الماضيين على القطاع، وسقط فيها شهداء وجرحى، بالتزامن مع إقرار خطط استيطانٍ جديدةٍ في القدس وعدم تسليم نتنياهو باحتلال الضفة الغربية.

 ولم تكن لتخرب مالطا لو أَن الرئيس مرسي تذرَّع بذلك كله لتأخير إرسال عاطف سالم إلى منزل شيمون بيريز سفيراً، بالرسالةِ إِياها، يشرب القدح إياه أَمام مائتين وخمسين كاميرا، استدعتها الدعايةُ الإسرائيلية، "تقديراً لمكانة مصر"، كما أُريد التدليس علينا.

 

Email