«رؤية» سورية من أجل المستقبل

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان كبير الفائدة لنا، حضور "المؤتمر التشاوري العلمي الفكري السوري لبناة المستقبل" في القاهرة، الأُسبوع الجاري، أَنْ نُهدى كتاباً قليل الصفحات، عنوانُه "رؤية من أَجل المستقبل"، للمهندس وليد الزعبي، رجل الأَعمال السوري المقيم في دبي.

وفضلاً عن تعريفِه بمحطاتٍ من سيرة صاحبه، والتي يتبدّى للقارئ اتّصافها بالمثابرةِ والكفاحية، يوجزُ الكتابُ مظاهر خانقةً من الفساد في سوريا، والذي، بحسبِ الزعبي، يعمُّ معظم نواحي الحياة هناك، ويوضحُ أَنَّ الرئيس بشار الأسد، بدلاً من مضيِّه، لما تولى السلطة، في مشروعٍ إِصلاحي، اختار طريق التحول بسوريا من دولةٍ أَمنية إِلى دولةِ تحالفٍ بين الأَمن والفساد.

ويرى الكاتب أَنَّ سوريا صارت دولةً فاشلة، لا تستطيعُ أَنْ تُقدِّم حلولاً لأَوضاع مواطنيها، وهي أَوضاعٌ تتدهورُ، بسببِ آلةِ الفساد التي تُديرُها الدولة بنفسِها، فتحوَّل المواطن السوريُّ إِلى خصمٍ وعدو، وباتَ على موظفي الدولة ورجالِ النظام أَنْ يسلبوه كلَّ شيء.

ويأتي المهندس الزعبي على تجربةٍ له في محاولة إِقامةِ مشروعٍ عقاريٍّ سكنيٍّ خدميٍّ في دمشق، لم يتم، لغيابِ الإرادة السياسية، وبسببِ قرارٍ بوقفه، وفسادٍ في شأْنِه، ومن الشائق أَنْ يتعرَّف قارئُ هذه السطور على تفاصيل التجربة بمطالعةِ الكتابِ.

تتمُّ، هنا، التثنيةُ على الكتابِ لتأكيدِ بديهية أَنَّ ثمَّة أَلف سببٍ وسببٍ لاشتعال الثورة السورية، والقسوةُ والعسفُ الظاهران في علاقةِ الحكم هناك بمواطنيه أَسبابٌ معلومةٌ، غير أَنَّ أَلواناً غير قليلةٍ من بؤس حياة المواطنين السوريين تعودُ إِلى تغوّل النهب والفساد، وتحكم قلةٍ نافذةٍ في السلطةِ في مقدرات البلاد.

ولا تزيَّد في الزعمِ، هنا، أَنَّ التخريب الواسع الذي ارتكبته السلطةُ هناك، وإِعاقة نهضة سوريا وتنميةِ إِمكاناتها الطبيعية والبشرية الهائلة، أَربعة عقود، وهو التخريبُ الذي تواصله، بشراسةٍ تدميريةٍ غير مسبوقة، منذ ثمانية عشر شهراً، لا تزيَّد في الزعمِ أَنّه العاملُ الأَهم في اشتعال الثورة التي ساقتها مواجهةُ النظام لها بالرصاص إِلى العسكرةِ الجارية، ليصير المشهدُ أَنَّ مقاومةً مسلحةً تُقاتل نظاماً مستبدّاً.

وما نُعاينه على الشاشات من نتائج هذا كلّه يعني أَنَّ مهماتٍ عويصةً وشاقةً ستتحملها النخب السورية المتنوعة لبناءِ بلدها، ولتكون سوريا الجديدة دولةً مدنيةً ديمقراطية، تنشطُ في استثمار ملكات أَبنائها وخبراتِهم في بناءِ هذه الدولةِ وتعميرها ونهوضِها معافاةً وقوية.

يلتفتُ تيار بناة المستقبل الذي يرأسُه وليد الزعبي إِلى هذا الأمر، وينفتحُ على الكفاءاتِ والأَدمغةِ والقدراتِ السورية، المهنية والعلمية والصناعية والثقافية والفنية، في صياغة مشروعاتٍ عمليةٍ وتصوراتٍ نظريةٍ لتحقيق ذلك الطموح، وللتهيئةِ لمرحلةِ البناءِ المعقدة التي ستنعطفُ إِليها سوريا بعد انتصار ثورتها.

 وجاءَ المؤتمر التشاوري في القاهرة عتبةً أُولى في مسار الذهابِ إِلى إِنجاز هذا الطموح، وكان طيباً أَننا، ضيوف المؤتمر وحضوره، أهدينا في أَثنائِه كتاباً ميسراً يحمل رؤيةً في هذا الخصوص، صاحبُه رجلُ قولٍ وعمل، محب لوطنِه، اسمُه المهندس وليد الزعبي.

Email