ما جرى في مخيم اليرموك

ت + ت - الحجم الطبيعي

زاهر عيسى أَبو خروب، أَحد الفلسطينيين الذين قضوا برصاص قناصةِ النظام السوري وشبيحتِه، في مقتلة الأسبوع الماضي في مخيـم اليرمـوك فـي دمشق، بينما كان ذاهبا إِلى صـلاة الفجـر

. محمـد سليم القصير، قضى متأثراً بجراحٍ أُصيب بها أَثناء محاولتِه إِسـعاف جـرحى سـقطوا فـي القصف إِبان المقتلة نفسها. لكل منهما حكايتُه، كما كل الذين راحوا في الجريمةِ الشنيعة، وكما عشـرة فلسطينيين قتلهـم الرصاص نفسُه في تظاهرةٍ تضامنيةٍ مع ضحايا مذبحة التريمسة، الشهر الماضي، بادر إِليها أَهل المخيم.

وكما أَكثر من ثلاثمئة فلسطيني قضوا في غير مخيم وحــارةٍ وتظاهـرةٍ طـوال الأَشهر الماضيةِ في غضون الثورة السورية، وبينهم 17 جندياً في جيش التحرير الفلسطيني، قُتلوا بينما كانوا في حافلةٍ ذاهبين إِلى مخيمهم في حلب، ثم لم يكن قائد الجيش المذكور، محمد طارق الخضرا، في حاجةٍ إِلى أَيِّ تحقيقٍ لن تُجريه السلطة الحاكمة في دمشق، ليعلن، بعد ساعاتٍ من العثور على جثثِهم، أَنَّ "مجموعةً إِرهابيةً مسلحةً قتلتهم ضمن المشروع التخريبي الأَميركي الإسرائيلي ضد سوريا"، حسبما نقلت عنه "سانا".

يتشاطـر محبـون للنظــام السـوري ومشايعـون لـه، عندمـا يسألون عـن مصلحتِه فـي اسـتهداف الفلسطينيين بين ظهرانيـه، فيما أَغلبُ فصائلهم تناصره. وأَول مظاهر الركاكةِ الباديةِ في هـذا الكلام، أَنه يفترضُ أَنَّ أَنفار هذه الفصائل البائسة يمثلون الفلسطـينيين فـي سـوريا ومخيماتِها، وهـذا غير صحيح، وإِن اقـترفـت هــذه الفصائل، (وبينها فتح، يا للعجب، وليس منها حمـاس)، قبـل أَيـام، توقيعاً يُداهـنُ الحـكمَ فـي دمـشق، ويحـكـي عن عدم زجِّ الفلسطينيين في أُتون الأزمة السورية.

والمؤكدُ الغائبُ عن أَفهام أولئك المحبين والمشايعين ومداركهم، أَن فلسطينيي سوريا، في أَغلب عمومهم، مناصرون لإخوتهم السـوريين فـي ثورتِهــم ومحـنتِهم وصمودهم، ليس فقط لأَنَّ خـبرةَ هــؤلاء الفلسطينيين، بالذات، مـع الحكم المذكور، فيها ما فيها من أَرشيفٍ أَسود، يجعلها سمجةً نكتةُ أَنَّ واحداً من أَسبابِ المؤامرةِ الكونيةِ عليه نصرتُه القضية الفلسطينية وأَهلها، بل، أَيضاً، لأَن الأشواق إِلى الحرية واحدة لديهما. وإِذ تُستذكرُ في هذه الأيام مجـزرةُ مخيم تـل الزعـتر فـي لبنـان، بمناسـبة 36 عاماً على اقترافِها.

واسـتشهاد ثلاثة آلاف فلسطينيٍّ فيها، برصاصِ ميليشياتٍ لبنانيةٍ عنصرية، بإِشرافٍ ورعايةٍ مباشريْن من الجيش السوري، الذي كان قد دخل لبنان للتو، إِذ يتم استذكارُ تلك الفاجعة في هذه الأيام، فإِنَّ المرءَ لا يعدمُ الوقوعَ على صلتِها بالتهديم الذي استهدفَ مخيمين في درعا واللاذقية، وباستباحةِ مخيم اليرموك في غير جولة.

غضبُ السلطة الوطنية الفلسطينية وحركة حماس من جريمة مخيم اليرموك، الشنيعة والنكراء حسب وصفِهما، كان بائساً، فقد تم فيه تجهيلُ مرتكب الجريمة. أَما أَنْ ينسبَها مولعون بخرافةِ المقاومة والممانعة، إِياهما، إِلى العصابات الإرهابية المسلحة، فذلك من البلاهةِ أَن يتورط فيه أَحدٌ أَخذاً ورداً، دفعها الله عنا في شهر الصيام الفضيل، وحمانا منها، وشفى أَصحابها.

 

Email