الخوف من التغيير

ت + ت - الحجم الطبيعي

جيل اليوم يريد تغييراً سريعاً، سواء في نمط حياته، أو حتى معيشته، ويريد التمرد على عاداته وتقاليده.

لكن يدرك هذا الجيل بخوف من الجيل الذي سبقه بأن هناك حالة فزع من إحداث التغيير، التي يطالب بها الشباب، في كل شيء، بداية من التعليم، أو في التنمية، وفي البناء العمراني، والانفتاح السياحي، والتواصل الحضاري، والبرامج والرسالة الإعلامية، بعيداً عن الانغلاق الذي تعيش فيه بعض البلدان، ما جعلها مسرحاً للربيع العربي، ومطلباً شعبياً للتغيير، لإفساح المجال للشباب للمشاركة السياسية، وبناء الدولة، ووضع خطط على نهج جيل جديد هو أقدر على تفصيل ما يريد، ليستطيع أن يلبس ما خطط له على مقاسه.

بعض الحكومات لا تزال تنظر للتغيير بخوف، ولا تريد انتهاج مرحلة جديدة من البناء، نعم التغيير يجب أن يكون على أسس ومرتكزات، لكن نحن اليوم في مرحلة سريعة جداً، فإذا لم تواكب تلك الحكومات مرحلة تغيير حقيقية، فإن تحديات كبرى قد تواجهها، من قبل فئة الشباب، التي لديها روح كبيرة إلى التغيير الحقيقي، وليس تغييراً شكلياً في النهج والخطط.

على قائد التغيير، سواء على مستوى الحكومات بشكل أوسع أو المؤسسات على نطاق أصغر، أن يغرس روح وحماس التغيير لدى من هم تحت إدارته، وخاصة صغار العاملين أو ممن يشكلون نسبة أكبر، وإيجاد فريق إداري قادر على مواكبة وقيادة مرحلة التغيير، وكذلك تحديد الرسالة والأهداف المبتغاة من استراتيجية التغيير، فمن دون وجود رسالة لن تتحقق أهداف التغيير المراد.

ومن ضمن أهداف التغيير إيصال الرسالة إلى من نسعى للتغيير من أجلهم، سواء الشعوب بشكل عام أو فئة على نطاق مؤسسة أو جهة ما.

ونحدد طرق إيصال تلك الرسالة حتى تتحقق الأهداف وتكون الرسالة واضحة من دون غموض من أجل نجاح وصولها. أن تكون القيادة لديها قناعة تامة بأهمية التغيير، حتى تكون استراتيجية التغيير ناجحة، من دون تردد أو خوف من مواصلة التغيير. ولا شك في أن التغيير يحتاج إلى قيادة فذة تؤمن بروح التغيير أولا، حتى تؤمن البقية الباقية سواء كشعوب أو أفراد في مؤسسة محلية.

بعض الدول تؤمن بأن التغيير يجب أن يتدرج حسب مراحل معينة، لكن هناك شعوباً تمارس ضغطاً على حكوماتها للدفع بالتغيير، حتى يتم تسريع المراحل بصورة ترضي الشعوب أو الموظفين في تلك الدول أو المؤسسات.

واليوم دولنا العربية تحتاج إلى المسارعة في انتهاج مرحلة تغيير كبيرة في ظل ما تشهده الأمة والشعوب العربية من حالة إحباط، ومن حالة الخوف التي تعيشها بعض قيادات الدول بشكل واسع أو حتى على نطاق المؤسسات، ولكن يجب أن يكون التغيير مدروساً، وليس أن يكون التغيير لمجرد التغيير، وبالتالي يكون التخبط أكبر فشلًا في رحلة التغيير، فتقول الشعوب أو موظفو المؤسسات: ليت التغيير لم يأت أساساً، وبالتالي تدخل الدولة أو المؤسسة في دوامة التغيير الفاشل في كل مرة، لأن الخوف من التغيير هو الذي دفع بالمؤسسة أو الدولة لأن تفشل في إحداث التغيير.

Email