بمناسبة القدس في المغرب

ت + ت - الحجم الطبيعي

خصَّصت وزارة التعليم المغربية ساعةً، يوم الخميس الماضي، للقدس المحتلة في المدارس والمؤسسات التعليمية، الحكومية والخاصة، لإشراك التلاميذ والمعلمين في حملةٍ دوليةٍ لكسر الحصار عن المدينة المقدسة، بهدف التعريفِ بأَوضاع القدس وأَهلها تحت الاحتلال. ونحسبُُ أَنَّ الحاجةَ شديدةُ الوجوب لأَنْ تتضمَّن مناهجُ التعليم في الدول العربية تفاصيلَ عن القضيةِ الفلسطينية وتاريخِها.

وقد تأَكَّدَ أَنَّ الجهلَ بشأْنِها مهول، دلَّ على ذلك أَنَّ دردشاتِ فضائيةٍ عربيةٍ مع شبانٍ عربٍ، قبل خمس سنوات، أظهرت أَنَّ كثيرين منهم لا يعرفون ما جرى في 5 يونيو 1967، فيما آثارُ الهزيمةِ العربية المدوية في ذلك اليوم أَمام إِسرائيل، باقيةٌ في الحال العربي الراهن، ولا تقتصر على احتلالِ ما كان قد تبقّى من فلسطين.

وإِذ لا نتوفَّر على دراسةٍ مسحيةٍ وافيةٍ عن حضور فلسطين وقضيَّتها في مناهج التعليم العربية، لا يُفاجئنا أَنَّه حضور محدودٌ إِلى حد الفضيحة، بدليل أَنَّ هذه القضية ترد في فقرة واحدة في كتاب السادس الابتدائي في مصر، وثلاث في كتاب الثالث الإِعدادي وفي صفحة ونصف في كتاب الثالث الثانوي.

المبادرةُ المغربية محمودة، ويلزمُ الدفع بها وتثميرُها، فلا تصير موسميةً تقترنُ بحملةٍ عابرة. ولأَنَّ فلسطين قوية الحضور في وجدانِ الشعب المغربي الذي يتصف بروح كفاحيةٍ نبيلةٍ في نصرتِه فلسطين وشعبَها، فإِنَّ من المهم أَنْ تتمَّ حمايةُ هذا الوجدان من أَيِّ عطبٍ، لا سمح الله، وأَنْ يبقى موصولاً لدى الأَجيال الجديدة، ومنها الناشئة الذين يلزمُ أَنْ لا تغيبَ قضيتها عن دروسِهم وامتحاناتهم.

تماماً كما لا يجدرُ أَنْ يغيبَ عن مدارسِنا ومناهجِ أَبنائنا، من المنامةِ إِلى مراكش، كفاحُ الشعب المغربيِّ العظيم، وشقيقِه الجزائري، وكذا نضالات الشعوب العربية في نيلِ استقلال بلدانِها وتحرُّرِها من الاستعمار. وإِذا كان شديدَ الوجوب أَنْ يتعرَّف الطالبُ في كل مدرسةٍ في اليمن وموريتانيا والبحرين والأردن ولبنان، جيِّداً إلى تصدّي المصريين للعدوان الثلاثي في 1956.

فإن مناهج التعليم التي يتلقاها، يجب أنْ لا تتناسى سِيَرَ الشيخ زايد بن سلطان وجمال عبد الناصر وسعد زغلول ومحمد الخامس وأَحمد بن بيللا والملك عبد العزيز آل سعود ويوسف العظمة والحبيب بورقيبة وفوزي القاوقجي، وغيرهم من رجالات الأمة في تاريخِها.

ليس كلاماً ينتسبُ إِلى الإنشاء المسترسل أَنْ يُقال إِن فلسطين قضية العرب المركزية، فهذه حقيقةٌ على أَهل التخطيط التربوي وإِعداد مناهج التعليم في البلاد العربية أَنْ لا يتساهلوا معها، ذلك أَنَّ عدم التعامل معها بجديةٍ كاملة في تنشئةِ التلاميذ عليها، يستولد نتائجَ لا نُحبها لأَيِّ تلميذٍ في أَيِّ مدرسةٍ نائيةٍ في جنوب اليمن أَو شرق موريتانيا أَو شمال السودان. نُذكِّر بهذا الأَمر هنا، وفي البال أَن فزعاً أَصابنا من جهلٍ مريعٍ لدى طلبة مدارس وجامعاتٍ عربيةٍ، بالنكبة والنكسة الفلسطينيتين، والذي عوين في غير مناسبةٍ، ولذلك، تستحق البادرةُ المغربيةُ الطبية تحيةً واجبة.

 

Email