مع رابطة الكتّاب السوريين

ت + ت - الحجم الطبيعي

أَنْ نُهنئَ زملاءَنا الكتّاب السوريين في رابطتِهم الجديدة، لنجاحِهم في تأسيسها، وتالياً، في تنظيمِ انتخاباتِ أَمانتِها العامة، بشفافية، فذلك يصدُرُ عن انحيازٍ مؤكدٍ للحريةِ والعدالةِ والكرامةِ والجمال، وهذه القيم أُولى مشاغلِ الثقافةِ في أَيِّ مجتمع، سيّما في سوريا التي يتعرَّضُ شعبُها منذ أَكثر من أَربعة عقود لأَعتى صنوف العسف، ويخوضُ، منذ أَزيد من عام، ثورةً على الاستبداد، نشداناً لحريَّته.

ودفعاً لمحدلةِ تمويت يوميةٍ ترتكبها آلة النظام الحربية. ويجوزُ الزَّعمُ، هنا، أَنَّ الرابطة التي نشطَ في تأسيسِها أَصدقاءُ منحازون لشعبِهم، مولودٌ ديمقراطيٌّ لهذه الثورة. ولأنها كذلك، فإِنها مدعوةٌ إِلى أَنْ تصيرَ في طليعةِ تشكيلاتِ المجتمعِ المدنيِّ السوري، لها صوتُها الأَخلاقيُّ والنقديُّ الواجبُ في أَثناءِ المحنةِ التي يُغالبها شعبُها، وإِلى أَنْ يكون صوتُها واضحاً في بناءِ تصور سوريا الجديدة، الديمقراطيّة المتحرَّرةِ من الشموليةِ الكاذبةِ والبعثيةِ الأَمنية والدجلِ القومي إِيّاه، ومسموعاً في المساهمةِ الفاعلةِ، مع شقيقاتِها من التشكيلاتِ المدنيةِ في بلدِها، في إِشهار أَشواقِ السوريين للدولةِ التعدديّة، ذات الأُفق المستندِ إِلى البعد الحضاريِّ للأمة، والخيار المناهضِ للارتهان للأجنبي، ومع نضال الشعبِ من أَجل تحرير أَرضه، وهو المسكونُ وجدانُه بفلسطين وكل قضايا أُمته.

انتسبَ إِلى الرابطة أَزيدُ من مائتي كاتب، اعتُبروا مؤسسين لها، وتمَّت انتخاباتُها بالتصويت الإلكتروني، للأسباب القسريّةِ المعلومة، وجرى في القاهرة إِشهار النتائج، بإِشراف خمسةِ كتّاب عرب مرموقين، هم الروائي المصري سعد القرش والقاص الأردني محمود الريماوي، والشعراء؛ الفلسطيني زهير أَبو شايب، واللبناني بول شاؤول، والسوري نوري الجراح.

وجاءَ لافتاً أَنَّ أَربعَ كاتباتٍ انتُخبنَ في المكتب التنفيذي الذي سيضم أَول 13 فائزاً في الأَمانة العامة (35 عضواً)، والتي جاءَ واضحاً تنوُّعُ الحساسيات والخيارات الفكرية فيها. يتصدَّر الأَسماءَ فيها المفكر المرموق صادق جلال العظم، والذي قد يتسلم رئاسةَ الرابطة، ما يُضاعفُ الوزن الثقافيَّ الثقيل لها، والرهانَ الكبير عليها. وإِذ استقبلت الرابطة، في الأَيام الماضية، أَكثر من 70 طلب عضوية جديداً، ستبتُّ فيها لاحقاً لجنة مختصة، فذلك يدلُّ على وجاهةٍ تمثيليةٍ شرعيةٍ وفيرةٍ تحققت لها، وإِنْ شهدت انسحاباتٍ محدودة.

نتحمَّسُ لإشهار رابطةِ الكتاب السوريين ونجاحِ انتخاباتِها، وفي البال أَنَّ بعض أَعضائِها في سجون النظام، وأَنَّ منتخبين في قيادتِها ممن أَسرَهم النظام سنواتٍ، وهي تُلغي مقولةَ الداخل والخارج السورييْن، بإِقامتها جسراً مكينا بينهما. ويتوازى مع هذا كله وغيره، أَنَّها تُحقِّقُ صيغةً مضادةً لاتحاد الكتاب العرب السوري، والذي يشتهر بذيليِّتِه للسلطة، والتحاقِه المكشوف بها، وقد اختار الاصطفاف معها في أُتون المقتلةِ الراهنة.

وليس هذا مفاجئاً، وهو الذي لم ينطقْ يوماً بكلمةٍ ضد اضطهادٍ وسجنٍ واعتداءٍ تعرَّض إِليه كتّابٌ أَعضاءُ فيه. وكان محمود الريماوي محقاً، في إِشارته في القاهرة، إِلى هذا الأمر، وفي قولِه إِنَّ الرابطة أَشاعت جواً من الحيويةِ ورفعِ المعنويات لدى المثقفين السوريين والعرب. وكان زهير أَبو شايب محقاً في تمنّيه أَنْ تحلَّ الرابطة محلَّ الاتحاد المذكور، وهي التي تضمُّ أَسماءَ ذات ثقلٍ ثقافيٍّ يُعطينا الأمل في دورٍ للمثقفين في إِعادة تشكيل وطنهم.

بدايةٌ مشجعةٌ تنطلقُ بها الرابطةُ، بهمّةِ من نهضوا، تطوعاً، بتأسيسِها. وإِذ انتسبَ إِليها، فخرياً ومؤازرةً، مئاتُ الكتاب الفلسطينيين واللبنانيين والمغاربة، فلأَنَّ أُفقها الحرية، شرطاً للعمل الثقافيِّ الجاد، ولقيامةِ مجتمعاتٍ تبني دولاً حديثةً في أَوطانِها التي تحتلها أَنظمةٌ غاشمة. وبقدر ما نُهنٍّئُ أَصدقاءَنا وزملاءَنا في المكتب التنفيذي والأَمانة العامة، ومنهم حسام الدين محمد ولينا الطيبي وحسين العودات وجورج صبرا وفرج بيرقدار وبشير البكر وروزا ياسين حسن وإِبراهيم اليوسف وخليل النعيمي، فإِننا، في الوقتِ نفسِه، نعلمُ العبءَ الكبير الذي سيُناط بهم، وهم يُعبّرون عن تطلعاتِ شعبِهم الصابر نحو الانتصار في ثورتِه... قريباً.

 

Email