أميركا ورعاية قدامى المحاربين

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك واحد من كل أربعة من المحاربين الذين تتراوح أعمارهم بين 20 و24 عاما في أميركا عاطلون عن العمل الآن، وذلك وفقاً لدراسة أجرتها وزارة العمل الأميركية.

 وهناك نسبة مذهلة تقدر بـ40% من قدامى المحاربين الذين خدموا في العراق وأفغانستان، وسعوا للحصول على العلاج في أحد المستشفيات بسبب إصابتهم بشكل من أشكال الاختلال العقلي، والأمر يزداد سوءاً، فقد أفادت دراسة بشأن قدامى المحاربين في عام 2010 أنهم تلقوا علاجات من أمراض عقلية نجم عنها أكثر من 30 محاولة انتحار في اليوم. وهناك 18 حالة يومية ينجح أصحابها في محاولة الانتحار.

يواجه جنود اليوم تحديات شرسة. وليس لدينا مشروع قومي، لكن جيشا من المتطوعين يعكس بشكل متزايد الحاجة إلى مشروع اقتصادي يستقطب الشبان والشابات من العائلات العاملة والفقيرة، الذين يبحثون عن التأهيل والحصول على فرص عمل. فهؤلاء يتم إرسالهم في بعثات في كثير من الأحيان للقيام بجولات متكررة، في ساحات قتال يكون فيها العدو غير واضح المعالم، وتكون جبهات القتال غير محددة.

حيث يأتي الضحايا من الألغام الخفية والكمائن والانتحاريين. يتعين عليهم البقاء في حالة تأهب مستمر، لكن دون دفاع. وعليهم محاولة تمييز العدو من البريء. ثم يعودون من جبهات القتال إلى أسوأ سوق وظائف منذ الكساد العظيم. ومن المفترض أن يحصلوا على الأولوية في التوظيف.

لكن قلة من أرباب الأعمال يوظفونهم. وآخرون يطلبون التدريب أو التعليم الذي لم يحصل عليه قدامى المحاربين. والكثير منهم يعانون من أمراض جسدية أو عقلية ناجمة عن الإجهاد خلال فترة خدمتهم، مما يجعلهم أقل جاذبية لأصحاب العمل. والعاطلات عن العمل أو المطلقات أو المبعدون من أسرهم، يواجهون الضغوط ويدمنون المخدرات والكحول بأعداد كبيرة، وحتى الانتحار. أما قدامى المحاربات فهن أكثر ميلاً لمحاولات الانتحار من نظرائهن الذكور.

ومنذ عام 2008، تم اتخاذ بعض الإجراءات لتقديم يد المساعدة. وطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بخطة لإنهاء تشرد قدامى المحاربين في غضون خمس سنوات. وفي عامي 2008 و2010، أقرّ الكونغرس الأميركي بعملية توسع كبيرة للامتيازات بين قدامى المحاربين في التعليم من بين أمور أخرى، والدعم الكامل لرسوم التعليم في الجامعات الحكومية.

وأقرّت لجنة في مجلس الشيوخ قانون توظيف أبطال الحروب لعام 2011، وهو عبارة عن مشروع قانون يهدف إلى مساعدة قدامى المحاربين في إيجاد فرص عمل لهم. لكن ربما تصطدم كل هذه الجهود بإشكالية خفض الإنفاق التي يطالب بها المشرعون الجمهوريون الآن، وهم المشرعون أنفسهم الذين يصرّون على أنه بغض النظر عن الظروف الملحة، يجب رفع الضرائب أو سد الثغرات عن الأغنياء أو الشركات الكبرى.

ربما لا يبقى هذا المشروع ليصبح قانوناً، لكن شروطه تعتبر بالفعل مجحفة. فهو يطالب أن يشارك قدامى المحاربين في البرنامج الانتقالي التطوعي للمساعدة، والذي يقدم تقنيات البحث عن عمل، وكتابة السير الذاتية والنصائح بشأن مقابلات التوظيف. لكن وجود سيرة ذاتية واضحة وإجراء مقابلة جيدة لا يساعد كثيرا اذا لم يقم أرباب الأعمال بالتوظيف. إننا نعرف ما ينبغي القيام به. ينبغي على كل واحد من قدامى المحاربين أن يكون لديه برنامج التحول الخاص به، من خلال إرشادات تقدمها وزارة الدفاع أو وزارة العمل في هذا الصدد. ويتعين أن يضمن ك

ل شخص برنامجاً من التعليم أو التدريب المتقدم. وأن يساعد كل فرد على تجاوز المشكلات الصحية العقلية والجسدية. ومن ثم إذا لم تتوفر فرص عمل ينبغي علينا إنشاء هيئة لتوظيف قدامى المحاربين لتوفير العمل لهم أو التدريب. ينبغي أن يتم رد الجميل لهؤلاء الذين يخاطرون بحياتهم لخدمة الوطن، ليس فقط من خلال إظهار الامتنان والاحترام الشديد لهم، بل من خلال استثمار يستحق التضحية التي كانوا مستعدين لتقديمها.

 

Email