عقيدة الصدمة في بونتياك

ت + ت - الحجم الطبيعي

نعى الرئيس الأميركي الأسبق أبراهام لنكولن، التضحية التي قدمها نموذجاً في التفاني لضمان أن مبدأ «حكومة الشعب، ومن الشعب ومن أجل الشعب، لا يندثر من على وجه الأرض». الآن ودون اندلاع صدام بين الجيوش، فإن حكومة الشعب تتعرض لخطر الهلاك في ولاية ميشيغان. ليس هناك شيء في الأزمة الاقتصادية يسمح بأيديولوجية حقوق الولايات، لتعطيل الديمقراطية من خلال تجريد رئيس بلدية منتخب ومجلس المدينة من السلطة، ومن ثم تمكين حاكم غير خاضع للمساءلة وغير منتخب، من أجل فسخ عقود العمال وبيع الأصول.

في ميشيغان، وهي ولاية دمرتها السياسات التجارية الخاطئة التي قوضت قطاع التصنيع الأميركي، نصّب حاكم الولاية الجمهوري ريك سنايدر نفسه مدافعاً عن إغلاق الشركات، فقد أقرّ قانوناً عرف بقانون مديري القطاع المالي العام، والذي أضاف صلاحيات واسعة لمديري الطوارئ الذين تم تعيينهم من قبل لجنة المديرين الماليين في الولاية، لممارسة سلطاتهم على الجمعيات أو المناطق التعليمية خلال الأزمات المالية.

وفي أعقاب الكساد الكبير الناجم عن التجاوزات في وول ستريت، يعاني العديد من الجمعيات في ولاية مشيغان، شأن أماكن أخرى، من مشاكل مالية عسيرة. فقد استغل «سنايدر» هذه الأزمة وقام بتعيين المديرين الذين لديهم، وفقاً للقانون المدني، سلطة غير محدودة ومن جانب واحد، ودون رادع لصياغة أو تغيير القوانين، ولبيع الأصول العامة وزيادة عبء ديون دافعي الضرائب، وإلغاء العقود من جميع الأنواع. فهؤلاء هم المستبدون الذي لم يتم انتخابهم من قبل الشعب، ولا تعيينهم من قبل السلطات في المدينة، لكن تم فرضهم من قبل الحاكم لفرض ما وصفه بالرعاة التشريعيين، بل «قانون الأحكام العرفية المالي».

كان لدى مدينة «بونتياك» في ولاية ميشيغان مدير مالي للطوارئ منذ سنوات عدة، لكن المدير المالي الذي تم تعيينه مؤخراً، وهو مايكل ستامفلر، استخدم صلاحياته ليؤسس عهداً من البؤس. فقد قام بحل المجلس البلدي المنتخب بشكل ديمقراطي، حيث كان أول قرار أصدره هو خفض اجتماعات المجلس وتجريده من جميع صلاحياته. وتشير التقارير حالياً إلى أنه أجرى محادثات حول إعلان الإفلاس والاندماج مع مقاطعة أوكلاند، كل ذلك دون أي مراجعة من قبل المسؤولين المنتخبين من المدينة أو المواطنين أنفسهم.

تواجه ميشيغان متاعب اقتصادية مروعة، لكنها لم تنكسر. هذا هو التعبير الذي يصر عليه المحافظ في ما يتعلق بخفض الضرائب على الأغنياء والشركات، وإجبار الأسر العاملة على تحمل تكاليف الركود. وليس من المستغرب أن يكون هؤلاء المديرون، قد تم فرضهم بشكل متحيز على المدن والمناطق التعليمية التي تضم أكثر المواطنين فقراً، وفيها أكبر عدد من الأقليات.

وفي كتابها المعروف «عقيدة الصدمة»، تصف الكاتبة الأميركية نعومي كلاين، كيف أن الديكتاتوريين في تشيلي وأماكن أخرى من العالم، يستغلون حالات الطوارئ ذات الطابع القومي لفرض السياسات التي ما كان ليتم تقبلها من جانب الجمهور.

فقد استغلوا صدمة حالات الطوارئ لفرض السياسات التي أفادت القلة من الناس فقط، وأسبغت المكافآت على الشركات، وأحدثت دمارا للعمال، وأخّرت كل شيء، من التعليم العام حتى برامج التقاعد. فقد أصبحت المدارس في «بينتون هاربور» و«بونتياك» و«فلينت» و«ديترويت» ضحايا عقيدة الصدمة. ربما نسي الحاكم سنايدر كلمات قسم الولاء، بأن كل تلميذ لا بد أن يتلقى التعليم، وأننا نتعهد بولائنا للولاية كمؤسسة، وليس لطرف واحد أو أيديولوجية بعينها، ولكن للجمهورية وللأمة الواحدة، تحت وصاية الله في ظل الحرية والعدالة للجميع. في ولاية ميشيغان، قرر الحاكم سنايدر، أن يستغل الأزمة الاقتصادية لسحق هذا اليمين.

Email