حزن مقيم

ت + ت - الحجم الطبيعي

نمر على السعادة مروراً عابراً، ونعيش الحزن بكل مشاعرنا، جملة تكررت على مسامعي، جعلتني أتذكر كيف نضحك على نكتة أو موقف طريف لمرة واحدة، بينما نظل نجتر الحزن على حدث ما، ونبكيه مراراً كأننا نعيشه للمرة الأولى!.

لكأن الحزن يمدنا بشيء من النشوة أو الرضا الداخلي، يجبرنا معه أن نكون أوفياء له أكثر مما ينبغي، ولا أكاد أجد تفسيراً أبعد من هذا، سوى الرغبة من البعض في جذب استعطاف الآخرين من خلال مشهدهم الحزين أبداً، أو الحاجة الماسة إلى علاج نفسي، فما من مخلوق يستحق الاستسلام للأسى، والفرح مسخر لنا أينما توجهنا.

لا أدّعي أنني لا أحزن، لكنني حتماً توقفت عن إعطائه حجماً ووقتاً أكثر مما يستحق منذ بدأت دراسة علم التنمية الذاتية قبل عامين، وتعمقت في تأثير الطاقات السلبية والإيجابية في الجسم البشري، وتوصلت إلى أن الحياة أقصر بكثير من أن نحزن على كل ما لا يروق لنا، أو أن نقف على كل موقف بالحدة ذاتها، فبعض الأمور لا تستحق حتى مجرد الالتفات لها.

الحياة أقصر من أن أظل أعاتب الشخص نفسه مراراً على موقف يكرره كل مرة، ولا يدرك أنني تألمت وتكلمت، وغبت، فما فائدة عتاب لم يجد صداه في قلب الآخر؟! الحياة أقصر أيضاً، من أن أعيشها »بالأنصَاف«؛ نصف حب، أو علاقة، وحياة، ورجل، واهتمام، وانتباه، ومراعاة، فلا نصف منصف على الإطلاق، إذ إن النصف لا يعني أبداً الإنصاف أو المساواة.

الحياة أقصر بكثير جداً من أن أتبنى الحزن، أو أكتب لمن لا يقرأ، وأعاتب من لا يشعر بالفرق بين غيابي ووجودي، وأقصر أقصر من أن أعيشها مع من لا يدرك قيمة الحب الحقيقي، والسعادة، إلا بعد فقدهما.

 

Email