وصفة رواندا

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الأربعاء الماضي يوماً صعباً، إذ اتجهت أنظاري واهتماماتي إلى قاعة الأرينا في مدينة جميرا، حيث حفل جائزة الصحافة العربية، فالصديق فراس كيلاني يتنافس على جائزة الصحافة السياسية بموضوع قيّم ومشغول عليه عن ليبيا.. وفي ذات الوقت يترشّح العزيز والزميل بهزاد رؤوف بكر لنفس الجائزة، عن موضوع شيّق ومتعوب عليه عن انسلاخ رواندا من أشباح وأضغاث أحلام الحرب الأهلية، بل الإبادة الجماعية التي عاشتها في العقد الأخير من القرن المنقضي.

كان قلبي مع الاثنين.. يدعو لفراس بالفوز، ويتضرّع لرؤوف.

هذه الحيرة كان من الممكن تجاوزها لو رفع نادي دبي للصحافة سياسة التعتيم الكامل عن اسم غير الفائز.. نعرف أنّ الجائزة تتحرّى التشدّد في حظر الكشف ونشر اسم الفائزين قبل انطلاق الحفل، ولكن ذلك لا يعني التعتيم على اسم غير الفائزين. إذ يمكن توجيه رسالة إلى المرشّحيْن الثاني والثالث عصراً مفادها: شكراً على المشاركة ونتمنى لكم الفوز في الدورة التالية. ما يخفّض، بالتأكيد، من مستوى الأدرينالين في عروق المرشّحين اللذين يعتقدان حتى اللحظة الأخيرة أنّ لهما حظاً.

التحقيق الفائز يلقي فيه فراس الضوء على الفوضى الليبية، وما يمكن أن تقدّمه من إغراء لتغلغل الإرهاب، وواضح أنّ الجهد المبذول فيه عظيم، وأنّ محقّقه بات متبحّراً في دهاليز الخريطة السياسية والعرقية والقبلية الليبية.

ومع تقديري، وحبي، فإنّ التحقيقات الخاصة بليبيا، والعراق، وسوريا، وحتى اليمن، راهنة، حاضرة، وكل شاردة وواردة مرصودة من الفضائيات ووسائل »التواصل« .أما التحقيق الخاص برواندا، هذا البلد الذي عاش إبادة عرقية، فبعد 20 سنة فقط، التسامح »ودفن الماضي« هو العنوان.. وهذه هي الوصفة التي يجب أن يتمعّن فيها العرب.

Email