سكين الكلمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

« قتلتني يافتى، اليوم أدركت أن الكلمة قاتلة »

قالها المتنبي حين اخترق قلبه بيت من شعره، بعدما لامه غلامه، وعندما هرب من جماعة فاتك الأسدي، وقت التقوه ونية القتل مرسومة على ملامحهم.

مات المتنبي مطعوناً ببيت من شعره هو، مزقت أوصاله الكلمة، وقد سأله غلامه متهكماً، ألست القائل: « الخيل والليل والبيداء تعرفني»، فكيف تجبن وترحل ! فلفظ المتنبي أنفاسه الأخيرة، قبل أن يصيب السيف الغادر هدفه.

قاتلة هي الكلمة، لكن القتل ليس مهمتها الوحيدة، فهي في الوقت ذاته قادرة على أن تبث الحياة في روح سئمت الانتظار، فحين نعشق ، تصبح آمالنا معلقة بكلمة يحددها الطرف الآخر، ليرسم مصير الطرفين في حياة يهنأ فيها الاثنان ،أو يشقى فيها أحدهما.

الكلمة وحدها قادرة على تغيير المصائر، إن صدرت من فم قاض في قاعة محكمة يقف خلف قضبانها جسد يرتعش، أو في بيان لحاكم نوى الحرب وأعلن الدمار، أو آخر يدعو للسلام والعدل.

كذلك هي الموسيقى، برغم عظمة تلك السيمفونيات الشهيرة، وحبنا واستمتاعنا بعذوبتها وصفائها، نشعر بأنها ستكون أكثر كمالاً لو تخللتها كلمات توازي عذوبتها المتدفقة، وأحيانا أخرى كثيرة، تذهب تخيلاتنا لحوار أو قصة لم تقلها النغمات، لكننا شعرنا بوجودها وكأننا سمعناها حقاً

قد يعتقد الكثيرون أن الصمت من ذهب، لكن للكلام وقتاً ووقعاً ومكاناً قد يطوي الذهب ويبدله بحياة كاملة، أغلى وأثمن، أليس الكون هو كلمة من الله، حين قال سبحانه « كن»، فكان كل شيء!

ⅦⅦⅦ

هنا والآن

تصمت دائماً، لإيمانك المطلق، بأن الكلمات تموت حين تقال، وبقيتَ صامتاً، وأنا انتظر، إلى أن أحييت كلامك.. وأمتّني.

Email