قلة بركة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ماله قليل، والنية أداء العمرة، فيذهب لزيارة والدته، وهي لا تعرف أساساً عن نيته مكة، فيسمع منها فجأة نيتها أيضاً السفر إلى بلد عربي، لتزور عائلتها، لكنها تشكو قلة المال.

والقصة حقيقية، فكر الرجل في دقائق، عمرتي أو أمي، اختار أمه، أخرج المال كله الذي في جيبه، ومنحها إياه بقلب رضي مع قبلة على الرأس، رضيت عنه كثيراً.

غادرها، بعد يومين أو أكثر قليلاً، اتصل به فجأة شخص يقيم في باريس، والشخص هذا كان قد أكل حقوق صاحبنا، الذي نفذ له مهمة استشارية قبل سنين، ولم يدفع له بقية تعبه البالغ ثلاثة آلاف دولارات، ولسبب يجهله صاحبنا عاد الآن، قرر الرجل أن يدفع له بقية حسابه، وأرسل له حوالة عاجلة وكريمة.

استلم المبلغ وقلبه يكاد يتوقف، إد ظن أن العمرة ضاعت عليه، بعد أن قرر أن يبر أمه بدلاً من عمرته، بعدها بأيام كانت أمه في زيارة إلى أهلها، وهو في طريقة إلى مكة والمدينة، أكرم أمه، فأكرمه الله.

قال لي »عابر سبيل« ذات مرة، إنه يساعد والديه مالياً، مما يتبقى من ماله، أي بعد أن ينفق كل ماله على بيته وأولاده، يساعد مما تبقى، ويضع والديه نهاية قائمة نفقاته، وليس على رأسها.

سألته إن كان هذا تصرفاً لائقاً. اعترف أنه كل شهر يتراجع مالياً إلى الوراء، وكان رأيي أن حق الوالدين ليس من بقايا أولادك، ونصحته أن يعيد ترتيب قائمته فيكرم والديه، ويؤجل ديناً، أو نفقة لولد، وعاد إليّ مذهولاً بعد تجريبه للوصفة ليقول، إن أحواله انقلبت حقاً، وبشكل غريب للأحسن.

حقوق الوالدين قبل الزوجة والأولاد، وليست من بقايا مائدتك، وهما في رأس نفقاتك المالية، ومعاملتك المعنوية، لمن أراد أن يرفع عنه »قلة بركة« لا يعرف مصدرها!

Email