الصحافة القابضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لدينا في الاقتصاد مصطلح «الشركات القابضة»، وكما في الاقتصاد، لدينا في الإعلام أيضاً صحافة قابضة، وإعلام قابض. الصحافة القابضة، ليست قابضة على الجمر، حماية للمبدأ، لكنها تقبض كل شيء، باستثناء المبدأ، والإعلام العربي اليوم، بات موزعاً وفقاً لطريقة قبضه للمعلوم، من غير موقع ومكان، وعلى ضوء مصدر القبض تتم قراءة الأخبار والتسريبات.

معنى الكلام، أن القارئ العربي ذكي جداً، اليوم، فهو يعرف أن هذه الصحيفة أو تلك المجلة، تقبض من «شرقستان» أو «غربستان»، وعلى ضوء هذه الإطلالة بات يدرك لماذا يتم نشر هذه المعلومة مثلاً، ضد بلد عربي آخر، ولا تمر المعلومات بمعزل عن قراءة الممولين واتجاهاتهم!

سابقاً، كان المقال أو الخبر تتم قراءته على ضوء الاتجاه السياسي المباشر للكاتب الصحافي، فتتم ترجمة ما وراء السطور وفقاً للبصمة السياسية للكاتب أو الصحافي، واليوم حلت الصحافة القابضة بديلاً عن الصحافة الأخرى، ولمجرد أنها قابضة تخسر كل إبهارها، لمعرفتنا المسبقة أنها مجرد «خادم ذليل» عند معلمها الممول.

يقال هذا الكلام لسببين، أولهما، أن التسريبات والحملات الإعلامية التي يتم شنها أحياناً باتت محروقة، وإن كانت مؤذية، ومحروقة لأن شبهة القبض والتمويل تجعل كل خبر ومعلومة بلا قيمة، لأن السياق يشي بالتلوث، وعلى هذا، لا يمكن للقارئ أو المتابع أن يصدق حملات تلطيخ السمعة، لأنه يعرف أن هناك ممولاً في العتمة.

ثانيهما، للترحم على الاستقلالية في الإعلام العربي، والاستقلالية مجرد شعار فارغ، لم يثبت حتى اليوم كلياً، وإن ثبت في وسائل إعلام فقيرة فقط، أو تبيع استقلالها لاحقاً مقابل إعلان، وعلى هذا، ننعى الاستقلالية المطلقة بكل أسف. «خذ الصرة يا غلام».. من زمن الجواري إلى زمن الإعلام، وما بينهما!

Email