المقدّس والمدنّس!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تختطف داعش رسم خاتم النبي الذي كان يستعمله لختم مراسلاته، ويضعه في يمينه، وعليه «محمد رسول الله»، طولياً ، وتضعه شعاراً على راياتها، فتقتل باسمه، وتسفك باسمه، وهو صاحب الموروث المقدس، الذي لم يمتدح الله أصله ولا عرقه.

واصفاً إياه أولاً بأنه على خلق عظيم، فيصير خاتم النبي اليوم، عند العالم رمزاً للقتل والإرهاب، ويصير الرمز ممنوع التداول باعتباره رمزاً لداعش، رغم أنه رسم لخاتم النبي، وليس لداعش!

توظيف المقدس في المدنس، لا يقف عند هذا الحد، فالذي يقتل أطفال مدرسة في العراق يقول إنه ينتمي لتنظيم السيدة عائشة أم المؤمنين، فيتم توظيف اسمها في هذه الهمجية، وتنظيم آخر يقتل في سوريا يسمي نفسه جند الرحمن.

وثالث يسمي ذاته أنصار محمد، ورابع يسمي تنظيمه جيش علي بن ابي طالب، والمسميات لا تعد ولا تحصى، ويتم من خلالها الزج بأسماء ذوات كريمة في تاريخنا، بكل هذه الحروب الأمنية القذرة في العالم، بجهلنا او بصناعة من غيرنا.

ويتم استدعاء هؤلاء للشراكة في حرب ليست حربهم،وعلينا أن نلاحظ أننا الأمة الوحيدة التي تزج بالأسماء ذات الدلالة التاريخية، في معاركها الرخيصة، من تنظيم جند المهدي، مروراً بتنظيم أنصار القدس، وصولاً الى تنظيم أحباب عمر، والغاية تشويه هذه الاسماء.

لا تقف توظيفات «المقدس» في «المدنس» عند هذا الحد، فمن الطبيعي أن ترى في العالم العربي عشرات آلاف المحلات التجارية، يتم عبر لافتاتها توظيف المقدس في المدنس، فهذه دواجن التقوى، وصاحبها غشاش، وتلك مدرسة مكة، ورسومها كاوية شاوية لا ترحم أحداً.

وذاك مطعم الأنصار وطعامه يفيض بالمسرطنات، وأحدهم يسمي صيدليته بصيدلية المؤمنين، وفيها أدوية مقلدة، وهكذا تتم استباحة كل الدلالات والأسماء، في هذا المشرق المبتلى، بأهله مع عدوهم ايضاً!؟.

ثم السؤال: ماعلاقة كل هؤلاء بما نفعله في هذه الدنيا؟ ولماذا لا نحترم ذاتنا قليلاً، فلا ندعي عليهم، ولا نوظفهم في جرائمنا وتجاراتنا الاجتماعية والاقتصادية، وتلك السياسية أيضاً؟!

Email