التحدي السوداني

ت + ت - الحجم الطبيعي

في ظل العجز السوداني الفادح، يبدو الخيار السلمي إغراء يراود كل القوى السياسية في ذلك الوطن المبدد. لكن الحوار السوداني أكذوبة كبرى، إذ لن يفضي إلى تمامه. هو جهد عبثي يبدد الطاقات.

النظام يريد استدراج خصومه بغية مقاسمته حمل أثقال أوزار الفشل الماحق طوال ربع القرن الأخير. أقصى ما يقدمه النظام في المقابل حفنة مناصب ليس أكثر.

المعارضة المدنية الموبوءة بالتشرذم، تدرك عجزها الفاضح إزاء إمكانية تغيير النظام عبر ثورة شعبية. أقل من ذلك هي غير قادرة على ممارسة ضغط تنتزع به بعضاً من مكاسب.

المعارضة المسلحة تعي الكلفة الباهظة ووعورة الدرب، إذا هي استهدفت اقتلاع النظام. تحالف المعارضة المدنية مع المسلحة على طاولة الحوار ممكن، لكن هذا التحالف على طريق مصادمة السلاح يصعب بناؤه، إذ يتطلب عملاً دؤوباً وصبراً طويلاً. هاتان آليتان لا يراهن عليهما الشعب أسير الإحباطات.

بما أن النظام يستهدف حواراً لا يفرز أفضل مما يريد، فقد استحدث ماكينة لا تنتج أكثر مما يتحمل. لجنة «السبعة + سبعة» معادلة عرجاء تتوكأ على زند النظام.

قبول تشكيلها ينم عن خواء المعارضة الفكري وقصور خيالها التنظيمي،. هي ليست سوى مصفاة يجري عندها فرز المقترحات بعين السلطة القابضة. تشكيل آلية الحوار من شخصيات مشهود لها بالاستقامة الوطنية والرؤى السياسية النافذة، شرط لإنجاح المهمة.

عملية الحوار دخلت حالياً دهاليز الاستقواء. الإسلاميون يستجمعون صفوفهم. المهدي ذهب إلى عشيرته الأولى يستقوي ببندقية التشكيلات المقاتلة.

هكذا يخرج الحوار من قاعة المداولات الفكرية والسياسية الاقتصادية، إلى أرصفة المناورات. بدلاً من الخروج من النفق، يتوغل الشعب في مستنقع الأزمات.

أي حوار لا يسدل ستاراً على حقبة الإنقاذ ويضع لبنة نظام سياسي بديل، لن يفتح كوة أمل أمام الشعب للخروج من النفق المظلم الطويل. إنجاز هذه المهمة هو التحدي الماثل أمام الساسة السودانيين.

Email