رباطة جأش المصريين

ت + ت - الحجم الطبيعي

برباطة جأش استثنائية قررت الحكومة المصرية زيادة أسعار الوقود. برباطة جأش ليست عادية امتص الشعب الصدمة. زيادة أسعار السلع الاستراتيجية قرارات صعبة، تتردد الإدارات الحكومية أمامها طويلاً. بما أن مثل هذه القرارات تصبح حتمية في بلدان تتسم اقتصادياتها بالتضخم والعجز والاضطراب، فإنها تهدد دائماً بإشعال الغضب الشعبي على نحو يتهدد مصير الأنظمة.

في الذاكرة المصرية »انتفاضة الخبز«، أو انتفاضة الحرامية كما اسمى السادات غضب المصريين العارم تجاه رفع الدعم عن الوقود ضمن سلع أساسية أخرى مطلع العام 1977، في محاولة لتمرير الزيادات، استعان النظام بالجيش، لكن السادات اضطر لابتلاع القرارات.

منذ انا ذاك استعصمت الحكومات المصرية المتعاقبة بوصية أمنية، محورها النأي عن أي قرار يمس البطون الخاوية. في الذاكرة الأردنية »ثورة الخبز« المشتعلة في وجه قرارات مشابهة من قبل حكومة زيد الرفاعي في 1989، كذلك حاولت الحكومة احتواء الغضب باللجوء للجيش دون جدوى.. الملك حسين نجح في إخماد الغضب بمنح الشعب الحرية مقابل الخبز. في الذاكرة السودانية جنح نظام جعفر النميري إلى معالجة أزماته الخانقة بزيادة سعر السكر، غضب الشارع باغت أجهزة النظام وأجبر المشير على التراجع عن القرار.

زيادة أسعار السلع الاستراتيجية الأخيرة في مصر مغامرة سياسية. الشعب يراهن على انفراج الحال العام. القرار يغري خصوم السيسي بالاستثمار. رباطة جأش الحكومة تشير إلى أنها مغامرة محسوبة. رباطة جأش الشعب تؤكد أن رهانه أقوى من الصدمة

. رباطة جأش الدولة والشعب جديرة بالتقدير.

زيادة الأسعار دواء مر، لكنه أفضل من المسكنات عندما يكون المرض مزمناً. الدعم يوازي ثلث الموازنة المصرية. السؤال المصري المطروح لم يعد يدور حول صحة القرار، بل في كيفية استثماره لصالح الفقراء في بلد تتسع مساحات العوز وتنحسر مظلات الخدمات الاجتماعية.

Email