حمى المونديال

ت + ت - الحجم الطبيعي

لكرة القدم سحر لا يقاوم، من ينجُ منه يسقط في إسار نفوذها العالمي.

هي لعبة لا تعترف بالمنطق. بفعل سحرها تخرج شعوب بأكملها عن مداراتها الوطنية والإقليمية، بل تذهب شعوب ضد انتماءاتها الثقافية والكوليانية.

في تجاوزها للمنطق ترفض كرة القدم الاستسلام للتاريخ أو الانصياع للقوة المطلقة. هي لعبة كسر المألوف وقلب الموازين. هي في الوقت نفسه لا تنجو بدورها من لعبة الحظ، لكنها ليست مثل الروليت.

كرة القدم مغامرة مبنية على أسس، غير أن أجمل ما فيها قدرتها على الانفلات من تلك القواعد. المونديال الحدث الأكثر مشاهدة عبر العالم تحت مظلة التشفير التلفزيوني.

الفيفا أكثر المنظمات الدولية ثراءً ونفوذاً. كل الأنظمة السياسية عاجزة عن مناطحة الفيفا.

إذا كانت الصين مهد اللعبة فإنها تبلورت في إنجلترا.

المونديال إبداع فرنسي فكرة وتصميماً، لأنها لعبة تكسر المنطق.

تتألق كوستاريكا وحجم سكانها لا يتجاوز 4 ملايين، بينما تغيب الصين عن المونديال. قليل ممن فاجأتهم كوستاريكا يعرفون موقعها على خارطة العالم ويدركون أنها دولة لا تملك جيشاً.

كرة القدم تُمثّل بعداً جوهرياً في الهوية البرازيلية.

لذلك خبت التظاهرات السياسية الاحتجاجية تحت حمى كرة القدم.

هي أحد الأسلحة الاجتماعية في وضع نهاية للرق في بلد يعج بالإثنيات العرقية.

المواهب الخارجة من أزقة الأحياء الفقيرة أجبرت البيض العنصريين على فتح الملاعب. كثير من هؤلاء اقتحموا مدارات الثراء والشهرة والتاريخ.

آرثر فيدرينك ابن مهاجر ألماني وبرازيلية من أصل إفريقي، سجل في الثلث الأول من القرن العشرين رقماً قياسياً لم يكسره أحد بعد، إذ أحرز 1329 هدفاً.

البرازيليون منحوا كرة القدم الكثير من ثقافتهم فتبلورت مدرسة متمايزة عالمياً، هي مدرسة قائمة على الإيقاع الحر الراقص والمهارات الفردية المشبعة بالقدرة على المراوغة والاحتفاظ بالكرة، في نسخة جماعية حافلة بالجمل القصيرة والتمريرات السريعة والتسديدات المباغتة.

لأن كرة القدم لا تعترف بالمنطق، يشهد مونديال البرازيل تساقط الرهانات على الكبار.

ربما تنحاز كأس الطبعة العشرين لبطل جديد!

Email