خارج أدخنة الوهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

حادثا الاعتداء على مواطنين في لندن، يكشفان عن قسمات مجتمعية من خصائص الإمارات. رد الفعل الفوري لم ينحصر في التجاوب الشعبي غضباً وتعاطفاً. كما المألوف، صدرت توجيهات وإجراءات رسمية على طريق تأمين سلامة رعايا الدولة.

ربما سمح تقارب الحادثين زمانياً بانفلات رد الفعل الغاضب والذهاب لجهة مسارات ضيقة. من طراز ذلك اعتقاد البعض باستهداف الإماراتيين دون غيرهم، لأسباب تتطلب الكثير من المنطق والعديد من الأدلة.

ما لم يثبت وجود علاقة بين مرتكبي الاعتداءين، فإن فرضية الاستهداف تظل رد فعل عجولاً. عند الحاجة إلى إثبات الفرضية، ينبغي الفرز بين دوافع المستهدفين.

النظر إلى الذات كلمة مطلوبة دائماً، لكن من المهم معرفة من أي الزوايا تسلط الضوء، وعلى أي المناطق في الداخل. من غير العقلاني عزل الذات عن مسرح الاعتداءين. حين تهبط لندن، لا بد من إدراك أن بريطانيا هي البلد الأكثر عنفاً في أوروبا بمعدل جريمتين في كل دقيقة، كذلك تشغل بريطانيا المرتبة الخامسة في قائمة أقطار الاتحاد الأوروبي من حيث معدل السرقات، والرابعة في معدلات السطو.

مثل هذه الأرقام تستوجب قدراً من الوعي وإثارة اليقظة على نحو يؤمن السلامة. الأكثر أهمية من الاحتفاظ بمصدات ضد الجريمة، عدم الارتباك ومن ثم الانجراف نحو مسالك ضيقة.

ربما يكون الإماراتيون من الأكثر تردداً على لندن وجهة للسياحة والتسوق. العاصمة البريطانية لم تعد خياراً إماراتياً للعلاج. بين الشرقيين عامة والعرب خاصة، يتميز الإماراتيون بسمات مميزة دالة عليهم. قليل من تلك السمات فيزيولوجية وكثير منها سلوكي. في عاصمة ترتفع فيها معدلات العنف والسطو والسرقة، يحذق المجرمون عادة مهارات اصطياد الفرائس.

من منطلق الحكمة المتداولة «مصائب قوم عند قوم فوائد»، ربما يكون من المجدي لكل إماراتي وإماراتية إعادة قراءة روزنامة سلوكهم في السفر إلى لندن أو غيرها.

بالطبع ليس الإماراتيون وحدهم المستهدفين. المجرمون لا يأخذون ضحاياهم على الهوية فقط.

مِن يُمن طالع الإمارات أن قيادة الدولة تطالهم بالرعاية والعناية أينما ذهبوا، ومن ثم فإن عصب أجهزة الدولة يظل يقظاً للاستجابة والإغاثة عند كل حادث أو حادثة.

من غير العقلاني قراءة اهتمام الدولة برعاياها خارج سياقه المنطقي، أو الزج به داخل أدخنة ردود الفعل الوهمية.

Email