حلم في أحضان الوطن

ت + ت - الحجم الطبيعي

دعاني الشوقُ إليكَ أيها الوطن، شددتُ الرحالَ مشتاقا كشوق الأرض للمطر، كشوق الشفة للبسمة، كشوق العين للكحلة، كشوق اليد للمسة، كشوق الأذن للهمسة. هناك ترتسم على الشفاه أحلى القبلات بطعم اللوز والليمون والعنبر، وعلى الأرض تمشي الهوينا بأرق الخطوات، تختال كفارس مزهو على صهوة جواده، ممتشقا سيف عزته.

هناك للشوق طعم لا يشبهه طعم آخر، هناك تصبح وتمسي في احضان وطن من تحب، هناك تحنو عليك الأشياء كلها، هناك في وطن من تحب تمشي الهوينا بين أزقة وشوارع وحوار، تهمس الجدران في أذنيك أحلى الكلمات تناديك وتناجيك وتغفو على صدرك أحلى اللحظات، تلفح النسمات وجنتيك، ويزهر العشق أقحوانا وياسمينا على شفتيك.

لحظات تصيخ السمع فيها، تردد كلمات أغنية طالما سكنت وجدانك وتغلغلت في كيانك، تدندنها على أنغام إيقاع قلب من تحب، تأخذك بعيدا، تأرجحك نسيمات هواء عليل هبت عليك دونما استئذان.

هناك في أحضان الوطن دفء شتاء جاء على خجل، هناك في الوطن ترتسم الخرائط والحدود، خرائط خطوطها شوق وحنين، تجتاز فيها كل الحدود، وعندما تقف عند شاطئ الأمان، تتنفس بعمق أعذب النسمات، تملأ رئتيك بعبير الشوق، ويأتيك الصوت مناديا، يا أهلي وأحبائي، أيا خلاني، أيا طفولتي وأشيائي، أيا كتبي وأقلامي.

أيا حبي وعشقي الضائع بين الشوق والحنين، بين غربة وحزن دفين أناديكم، خبئوني، أعيدوني من غربتي من عذاباتي.

 أعيدوني إلى أوطاننا الحلوة إلى لحن إلى غنوة، إلى جمل إلى هودج، إلى القيصوم والحرمل، إلى الصبار والحنظل إلى اغصان زنبق بلدي تغفو في احضان شرفتنا، إلى صبية نست نسيم الليل يطرز ثوبها المخملي.

دعاني الشوق إليك أيها الوطن الجريح، ايها الوطن الذبيح، فيك خبأت قصائدي وذكرياتي، فيك خبأت احلى كلماتي، فيك يكبر الشوق ويزهر الحنين، فيك أنبل حروف العشق. يا وطننا بالمجد ورثناه وبأيدينا أضعناه، وبتنا نبكي دما على ضحاياه.

Email