كلام في مهنة الكلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

الصحافي متهم دائماً بفقدان الحياد. غالبية القراء لا يدركون أن معظم الصحافيين لا يملكون القدرة على التعبير عن آرائهم الشخصية. المؤسسة الصحافية هي المهيمنة على الصحافي كما القارئ. لكل مؤسسة صحافية رؤية أو عقيدة تعبر عنها أو رسالة تؤديها. كل صحافي يلتزم برؤية المؤسسة وعقيدتها ويخدم رسالتها.

الحيادية في العمل الصحافي تعززها إدارات المؤسسات أو تمسخها. من الصعب نعت مؤسسة صحافية بالحياد. كل المؤسسات واقعة في قبضات قوية متماسكة. السلطات القابضة تتعدد، من سطوة الدولة إلى مصادر التمويل حسب تباينها، من المالك إلى شركات الإعلان.

في عالمنا العربي غالبية - أكاد أقول كل - المؤسسات الصحافية تتحرك تحت مظلة الدولة. هذه وضعية تفقد أقوى المؤسسات الحد الأدنى من الاستقلالية، ومن ثم تجردها من الحيادية. كثير من المؤسسات الصحافية العربية تفقد استقلاليتها المهنية أمام قوة المصادر الإخبارية، وفقاً لمواقع هذه المصادر في هرم السلطة.

من يحاول اختراق الحواجز الحمر من الصحافيين يدفع فاتورة باهظة. الكلفة تكون موازية لجرأة الصحافي «المارق»، إضافة إلى مسافة تجاوزه أحد الخطوط الحمراء. الحكم على الاختراق ومسافة العبور لا يخضع دوماً للموضوعية. التقارير الدولية تجرد سنوياً أعداد الصحافيين العرب الذاهبين إلى السجون، دون المرور بمنصات القضاء. هؤلاء أكثر حظاً من آخرين يتلقون طلقات نارية من مجهولين.

لمثل هذا المصير انتهت مسيرة العراقي محمد بديوي، عندما أطلق عليه الرصاص ضابط من جهاز حماية الرئيس وسط بغداد. نهاية الأسبوع الفائت لقي الصحافي الأفغاني سردار أحمد مصرعه إلى جانب زوجته وابنتهما وابنهما، في هجوم على فندق «سيربنا» الفاخر في كابول.

كثير من الحكومات والقيادات السياسية يستهدفون احتواء المؤسسات الإعلامية وترويض الصحافيين، بالترهيب والترغيب. «صحافيون بلا حدود» شاهدة بقوائم مطولة.

معركة أردوغان مع شبكات التواصل الاجتماعي توضح إلى أي فضاء يخوض بعض هؤلاء معاركهم الخاسرة.

Email