الإعلام الهادف

طفرة كمية هائلة شهدها الإعلام العربي في السنوات الأخيرة، خاصة في عدد القنوات التلفزيونية التي يبث أغلبها على مدار الساعة. هذا الواقع الجديد فرض على معظم القنوات، ضرورة البحث عن وسائل لشغل ساعات البث وبأي شكل، بغض النظر عن نوعية وقيمة ما يبث أو فائدته بالنسبة للمتلقي.

والنتيجة، أن هذا الانتشار الأفقي وسع مدى عدم الرضا، بالقدر بنفسه تقريباً، لدى نسبة كبيرة من المتلقين، بخصوص مستوى ونوعية معظم ما يرميهم به الفضاء التلفزيوني دون استئذان، وكأنه مفروض عليهم فرضاً.

وهكذا بدأ الإعلام التلفزيوني يفقد مصداقيته، ويتخلى عن دوره ورسالته، باعتباره الوسيلة الأهم لنقل الوقائع والحقائق والمعلومات للمشاهدين، فضلاً عن دوره في تخفيف معاناتهم، وسط عالم مضطرب بالصراعات والأزمات، من خلال البرامج الترفيهية المسلية.

لكن هذا التسيّد الكمي، لا ينفي وجود نوعية متميزة من البرامج الهادفة، والإعلاميين المتمكنين والمخلصين لرسالتهم المهنية والمجتمعية.

الكاتب والإعلامي اللامع محمد فهد الحارثي، هو أحد هؤلاء الذين استطاعوا تجاوز نمطية الكم هذه، من خلال برنامجه الجديد "بدون شك"، حيث جمع بين عرض ومعالجة الهموم والقضايا المجتمعية، وبين الأسلوب المهني المشوق، والإعداد الجيد، والإخراج المتقن.

 ولا يكتفي الحارثي بعرض القضايا ومناقشتها مع المعنيين والمختصين، بل يستمر فريق البرنامج في متابعة القضية التي يطرحها حتى تصل إلى خواتيمها المرجوة.

مثل هذه النوعية من البرامج، الهادفة والمسلية، هي ما يحتاج الفضاء الإعلامي العربي إلى التوسع فيه، وترسيخ قواعده ومفاهيمه. ولا شك أنها برامج مكلفة مادياً، لكن فائدتها المزدوجة، مجتمعياً وإعلانياً، كفيلة بتعويض التكاليف، من خلال توسيع قاعدة جمهور المشاهدين، وبالتالي، زيادة عدد المعلنين ومضاعفة العائد المادي.

المعادلة سهلة وبسيطة، فالنجاح مهنياً ومجتمعياً، كفيل بتحقيق الربح والعائد المادي المجزي.. وليس العكس كما يتوهم البعض.

الأكثر مشاركة