جينات دبي

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلما انفض حدث دولي في دبي يغمر أقنية الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة فيض من مشاعر الافتتان بالمدينة، الإطناب يتجدد في كل لغة أتى منها موفد من فجاج المعمورة. الغزل المسكون ما عاد ينحصر في بانورامية معمار المدينة.

الإطراء المكثف بات يبرز دبي نمطاً عصرياً يؤطر ثقافة حياة متكاملة في العمل كما السكن. عندما تشاهد أو تسمع أو تقرأ المكتوب في دبي، ينتابك إحساس مريح بقدر ما هو عميق أنك محظوظ إذ إنك تستمتع بنمط العيش في هذه المدينة.

دبي ليست بؤرة الحاضر بل كوة المستقبل، إذ هي مدينة غزلت بنفسها لنفسها أسلوباً حياتياً على إيقاع الحداثة. هو منهج مؤسس على فن المناولة وصناعة المنافسة.. دبي تهبك كثافة في الخيارات القابلة للحب، على نحو يربك قدرتك على الانتقاء. إذا كانت السعادة ليست متعة يمكن الحصول عليها مقابل المال، فإن ممارسة الحياة في هذه المدينة تكفي لمنحك قدراً من هذا الإحساس النادر.

في افتتان الآخرين بدبي قناعة بأنها تجسد المدينة "الموديل" في عيون القادمين إليها من كل حدب ولون وجنس. الخبراء من أصحاب الاختصاصات الإنسانية المتعددة، يتحدثون عن دبي باعتبارها الإجابة الجاهزة عن أسئلة الغد.

دبي ليست وليدة الصدفة العابرة بقدر ما هي ليست فقاعة عارضة. للمدينة جيناتها الحياتية الموروثة والقابلة للنمو ومانحتها المناعة ضد عاديات الجغرافيا والتاريخ.

دبي أقصوصة بدأت في التبلور على عتبة القرن العشرين، على أيام حاكمها مكتوم بن حشر بن بطي بن سهيل. بعين نافذة تسبق عصرها، أعلن الرجل دبي ميناء حراً للتجارة فجذب بذلك مراكب التجار من الساحل الفارسي هرباً من الضرائب التي أثقلت أعباءهم.

وقتئذ بدأت حركة تجارية تنشط في دبي، وبدأت تخرج من قرية صيد متواضعة إلى ميناء محوري يحذق في المناولة ويجد التجار لديها الحماية والاستقرار.

هي الجينة نفسها التي طور بها راشد بن سعيد فيما بعد، ميناءين لحركة التجارة البحرية وميناءً جوياً.. هي الجينة ذاتها التي فتح بها محمد بن راشد دبي على عصر الحداثة في ميناء للإعلام والإنترنت، وهي الجينة ذاتها التي تمارس بها روح التفوق في المنافسات الدولية.. هي روح القدرة على تبليط البحر وبستنة الصحراء.. هي جينة تمنح ساكني المدينة طاقة على الإبداع وإحساساً بالسعادة.

Email