رجال المراحل

ت + ت - الحجم الطبيعي

ثمة شخصيات لعبت أدواراً حاسمة في مسيرة شعوب. بين هؤلاء قادة عسكريون وقيادات سياسية. التاريخ يحتفظ بأسماء من طراز شارل ديغول في فرنسا، أيزنهاور وأبراهام لينكولن في أميركا، نيلسون مانديلا في جنوب إفريقيا.

ربما يؤهل الظرف السياسي المصري المشير السيسي للحاق بهذه القائمة. في مصر إرث تاريخي عتيق أكثر من غيرها، للرهان دائماً على الفرد. هجمة الإخوان الشرسة على مؤسسات الدولة ومفاصلها، أفرزت إحباطاً عاماً في الشارع المصري بلغت تداعياته الكفر بالأطر الحزبية المتآكلة.

بما أن المؤسسة العسكرية تشكلت مع الدور التاريخي للفرد في الإرث المصري، منذ العهد الفرعوني إلى ثورتي 25 يناير و30 يونيو، فإن السيسي يضيف إلى رصيده بعداً مؤسسياً بانتمائه للجيش.

مجلس طنطاوي العسكري لعب دوراً حاسماً بانحيازه إلى الشارع في وجه نظام مبارك. مجلس السيسي وضع خاتمة سريعة لنظام الإخوان. تلك خطوة منحت الرجل العسكري رصيداً شعبياً في الوسط المصري. من هنا ولج الجنرال الحلبة السياسية. ربما لا يكون الرجل عبقرياً، لكنه أظهر قدراً من الشجاعة والشهامة والمبدئية منذ صعوده إلى دائرة الضوء.

رجل له مثل هذا الثبات، لن يدفعه الطموح الذاتي للمغامرة بما أنجز، للصعود غير الآمن إلى سدة السلطة. وزير الدفاع في مصر قابل ليكون القابض على مفاتيح السلطة وصانع الرؤساء. مصر أحوج ما تكون إلى إرادة سياسية مبصرة وحاسمة، أكثر من حاجتها إلى رئيس.

من هنا يبدو بطء السيسي في إعلان موقفه النهائي إزاء خوض معركة انتخابات الرئاسة، بمثابة قراءة متأنية بغية بلورة موقف أكثر عقلانية.

ومن غير المستبعد إعلان المشير اختيار البقاء في الثكنة العسكرية، على الذهاب إلى قصر الرئاسة.

وقتئذ يكون الرجل قد توصل إلى معادلة أكثر عمقاً من البريق، وأطول بقاء في السلطة وأمضى فاعلية للإنجاز.

Email