المستحيل الممكن

ت + ت - الحجم الطبيعي

رغم أن لك علاقة وطيدة بالسّكر، إلا انك تشبه الملح أكثر..

هذا الأزرق الذي يبلل طرف ثوبي، الممتد بفيروزه على ضفاف الخرائط مكتسحاً ثلثي مساحة كوكبنا.. لولا الملح، لما كان بحراً حميماً نعشقه حد الفرح والانتشاء..

 

تشبه الملح، لأن لا طعم لشيء دونه، نكهة الأشياء وكمالها فيه.. تماماًّ كما أنت.. ولأنكما لستما فقط مجرد "إضافة أخيرة"، تأتي في نهاية الأشياء مضفية عليها طعماً مطلوباً وضرورياً، ولا آخر اللمسات اللذيذة، بل اللمسة الأولى "الخالدة"، التي تبقى نكهة حبيبة لكل شيء، ليصبح بعدها طعم الأشياء تاماً.. كاملاً، لا يشوبه نقص.

 

لا.. لست البحر،

تغريني بحنين جارف، ورطوبة دافئة تمسّد لياليّ الموحشة..

تغريني بقواقع لها صوت الأحلام وحكايا السندباد وحوريات البحر،

لكنك لست البحر.

وجودك كخرير جدول عذب، بعيداً عن صوت الهدير وتكسر الأشرعة والرياح التي تأتي بما لا تشتهي السفن..

كنسمة طرية تشتاقها جبهة عجوز جلس ببابه عصراً، يعيد ذكرياته، ويقلب عمره يوماً قبل يوم، ويذكر الله كثيراً.

 

كما لا يأتي أحد..

تأتي بحضور طاغ، تماماً كما ترحل، بحضور آسر يلف المكان، ويشتاقك..

أنت.. منتهى الحياة، منتهى الحب، لحالة حب لا تنتهي.. تتواجد كما يشتهي القلب، كما تتوق الروح.. لكأنك المستحيل، أو كأن للمستحيل أخاً ثانياً، توأمه.. يدعى "أنت"!

أو لكأنك: كل المستحيل الممكن، والممكن المستحيل، وإلاّ...

فكيف لكل الأشياء الطاهرة أن تتعلق بك، وتبقى نقية صافية عصيّة على الفساد، كما يفعل بكل الأشياء.. شبيهك الملح.

 

Email