دعوة في محلها

ت + ت - الحجم الطبيعي

"كينز" اسم أشهر من نار على علم في عالم الاقتصاد، فقد ارتبطت باسمه "معجزة" إنقاذ الاقتصاد الأميركي من "الكساد العظيم" في الثلاثينيات من القرن المنصرم، كانت معجزته هذه ببساطة عنوانها التدخل الحكومي في الاقتصاد الحر.

التدخل الحكومي طبعاً لا يفرض فرضاً، بل من خلال السياسات النقدية والمالية، وعبر إعطاء الحوافز أو منعها عن قطاعات موحدة لتشجيع الاستثمار أو تقليله فيها، وبذا تتمكن الحكومة من توجيه الاقتصاد نحو الغاية المنشودة.

هذا التدخل يتناغم تماماً مع الدعوة التي أطلقها أمس معالي أحمد جمعة الزعابي، نائب وزير شؤون الرئاسة رئيس لجنة صندوق معالجة الديون المتعثرة للمواطنين، بدعوته المصرف المركزي للتدخل واتخاذ تدابير أكثر صرامة، ضد بعض المصارف العاملة في الدولة التي تتعامل مع المواطن على أنه "بقرة حلوب" تتربح من استغلاله ببشاعة، مستغلة حاجته لبعض المال المتوفر من جدولة قروضه المتعثرة، بعد إغرائه بحوافز سرعان ما تشف عن مصيبة جديدة وغرق جديد في الديون.

لا يعقل أن تجهد القيادة في اجتراح المبادرة تلو الأخرى لتوفير مستوى لائق وعزيز من العيش للمواطن، وتخصص لهذه المبادرات مبالغ طائلة، بينما يعمل بعض المصارف التي تحقق أرباحاً ضخمة من جراء التسهيلات التي تقدمها الدولة لها، فضلاً عن نجاتها من مقصلة الضرائب التي ترزح لها في البلاد المتقدمة، ليس على رد الدين، بل إضافة أعباء جديدة على الحكومة والمواطن المتعثر.

دعوة في محلها تستوجب سرعة الاستجابة، إلى حين انتشار ثقافة الترشيد والعقلانية تجاه القروض.

Email