ماذا نفعل نحن؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما قالوا في الأمثال قديماً "عش رجبا ترى عجبا"، لم يخطئوا، ولم تأت كلماتهم عبثاً، فالحياة اليومية تثبت لنا بما لا يدع مجالاً للشك، أن أصحاب المواهب قلبوا السائد والمعتاد في كل المجالات والميادين، بعد أن تحولت الكفة وانقلبت تماماً لصالح الانفتاح على العوالم الأخرى..

اليوم تطورت الأفكار وتواصلت الدول تكنولوجيا، فانتفت الحاجة إلى البحث المضني عما تخبئه الحدود والفواصل، بعد أن أصبح الساتر الذي يقف خلفه الآخرون شفيفاً وقابلاً للكسر، فتواصل العالم شرقه وغربه، شماله وجنوبه من حيث لا نحتسب، وبلغة جديدة مبتكرة، وأخذت رياح التغيير تهب علينا من كل صوب وحدب ولم تستثن أحداً، ومع هذا التغير تبدلت أشياء كثيرة وتواصلت أشياء أخرى أكثر إثارة، ولم يبق سوى صوت قديم هنا وبحة هناك!

كل الأشياء ارتدت عباءة التحدي، بعد أن دخل الآيفون والسامسونغ حلبة السباق؛ فهبوب التغيير شملت الفن، الشعر، الأدب، الرياضة، الأزياء، الصحافة، الطبخ، الذوق العام.. وغيرها من الأمور الحياتية المعاشة بتفاصيلها الدقيقة، والتي تغيرت من جراء الهبوب المتواصلة التي حاصرتنا في كل مكان.

قد نتفق أو نختلف، ولكن علينا أن نعترف أنه أمام هذا الزحف لن يقف أحد مهما أوتي من قوة ومهما كانت الاستماتة، فرياح التغيير ستقتلع الجميع، بدءاً من بائع الفجل وانتهاء بأصحاب الملايين، لأن هبوبها تأتي هذه المرة إلكترونية مدوية ومن الجهات الأربع، فنحن محاطون يمنة ويسرة بإلكترونات هذا الزمن المثير.. فبدءاً من صرخة الطفل في إطلالته على الحياة وانتهاء بشهقة الموت، نجد أنفسنا نستنشق هواء العولمة، حتى الزواج والطلاق لم تعتقهما تلك الدائرة المثيرة..

ولأن الهواتف الحديثة قلبت الموازين كلياً، وأصبحت بتقنياتها المتعددة عبارة عن مؤسسات ومكاتب متنقلة، بفضل البرامج العديدة التي بالإمكان الوصول لها وتنزيلها، فقد ازداد مدمنوها إلى حد تفضيلها على كل التقنيات الأخرى. ففي بريطانيا ازداد إدمان البريطانيين على استخدام تلك الأجهزة، لدرجة أنهم أصبحوا يفضلونها على أكل كيس من البطاطا المقلية التي تعتبر من الوجبات المفضلة لديهم.

دراسة أوروبية أخيرة توصلت إلى أن البريطانيين يتحدثون بحميمية مثيرة إلى أجهزتهم أثناء استخدامها، في حين يربت السويديون عليها وكأنهم يربتون على كتف أحد أبنائهم، بينما يلجأ الإسبان إلى ضربها لولم تشتغل بشكل جيد.. والسؤال: ماذا نفعل نحن؟

Email